تاريختعليم

دور اليمنيين في نشر الإسلام في آسيا

دور اليمنيين في نشر الإسلام في آسيا
خريطة البلدان الآسيوية التي كان لليمنيين دور في نشر الإسلام فيها سلما وفتحا

دور اليمنيين في نشر الإسلام في آسيا

من مقالنا هذا سنتحدث عن دور اليمنيين في نشر الإسلام في آسيا.

أولا – في الشام والعراق

كان أبناء حضارة اليمن القديم قبل الإسلام على علاقة بأبناء حضارات بلاد الشام وبلاد الرافدين، وقد توطدت هذه العلاقات بمرور الزمن من خلال الهجرات اليمنية القديمة التي استقرت في بلاد الشام والرافدين، والصلات التجارية والثقافية. أما بعد الإسلام فقد كان لليمنيين دور کبیر في نشر الإسلام في الشام والعراق، وقد تجسد هذا الدور في الإسهامات التالية :

إقرأ أيضاً : دور اليمنيين في نشر الإسلام في أفريقيا. 

  1. أسهم اليمنيون في فتح الشام : حيث كان لهم دور بارز في نشر الإسلام في الشام منذ وقت مبكر، من خلال مشاركتهم الفاعلة في كثير من المعارك التي خاضها الجيش الإسلامي مع البيزنطيين أهمها معركة اليرموك 13 هجري، وكان لانتصار المسلمين فيها أثر كبير في فتح الشام .
  2. أسهم اليمنيون في فتح العراق : حيث كان لوصول كتل بشرية جديدة من اليمن إلى المدينة بعد انتصار المسلمين في معركة اليرموك أثر كبير في تمكين الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه من فتح العراق ، وكان لأهل اليمن دور بارز في كثير من المعارك التي تم بها فتح العراق أهمها معرکتا البويب ، والقادسية .
  3. ومن أبرز الولاة والقادة اليمنيين الذين كانت لهم أدوار فاعلة في فتح الشام والعراق : عمرو بن معد كرب الزبيدي الذي شهد معركة اليرموك ضد الروم في الشام ومعركة القادسية ضد الفرس في العراق، والمثنی بن حارثة الشيباني، وقيس بن عبد يغوث بن المكشوح، ومعن بن زائدة، وشرحبيل بن حسنة، وإبراهيم بن مالك الأشتر.
  4. أسهم اليمنيون في تعمير مدن الشام التي استقروا فيها، كمدينتي دمشق وحمص،كما أسهموا في تخطيط وتعمیر مدن العراق التي استقروا فيها كالبصرة والكوفة .
  5. أسهم اليمنيون في تطوير العلوم والثقافة في الشام والعراق، فقد ظهر منهم أعلام ذاعت شهرتهم العالم الإسلامي مثل: مروان أبي عبدالملك الذماري، الذي كان يعد زاهد دمشق، وولي قضاؤها في عهد الأمويين، والنحوي ابن هشام، والشاعر المعروف أبي الطيب المتنبي، وإبراهيم بن يزيد النخعي الذي كان من أكابر التابعين ومن حفظة الحديث والمجتهدين وأحمد بن عبد الله المعافري الذي كان من أهل العلم في النحو واللغات، وأبان بن عثمان البجلي صاحب المؤلفات العديدة في الأخبار والأنساب، وأثیر بن عمر بن هاني الحضرمي من أشهر أطباء العراق في عصره، كما كان حماد الراوية و خلف الأحمر، وهما من رواد رواية الشعر وتعليمه في العصر الأموي، ورجاء بن حيوة، الذي رجح خلافة الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز على أقرانه من البيت الأموي .

ثانيا – في الهند والصين

  • الهند : كان لليمنيين القدماء قبل الإسلام علاقة مع الهند حيث كانوا رواد التجارة بين الشرق والغرب، فقد تاجروا بالبخور والمر واللبان مع الهند، ونقلوا توابل الهند إلى أفريقيا والمتوسط وأوروبا، وكونوا جالية كبيرة في «کوجرات الهندية » أطلق عليها اسم «عربتو> التي خدمتهم محطة لانطلاقهم – أيضا إلى أندونيسيا والفلبين والصين .أما بعد الإسلام ، فقد كان للتجار والدعاة والعلماء اليمنيين دور كبير في نشر الإسلام سلما في الهند، وقد تجسد هذا الدور في الآتي :
  • أسهمت المراكز الحضارية الإسلامية اليمنية: مثل زبيد وتعز وعدن و تریم بدور كبير في نشر الإسلام في الهند ؛ حيث كانت هذه المدن قواعد الانطلاق تجار اليمن ودعاتها وعلمائها إلى الهند، ومحطات استقبال الطلاب العلم من الهند في اليمن، وفي فترة لاحقة محطات حوار بين علماء الهند وعلماء اليمن .
  • أسهمت الدول الإسلامية اليمنية مثل الدولة الرسولية والدولة الصليحية في تطوير العلاقات السياسية والتجارية والدينية والعلمية والثقافية بين اليمن والهند، مما أدى إلى نشر الإسلام في عدد من أقاليم الهند.
  • كما قامت الجاليات اليمنية التي استقرت في الهند ومع غيرهم من العرب، ببناء المساجد والمدارس الإسلامية في الأحياء التجارية والمستقرات التي أنشأوها على الطراز المعماري العربي الإسلامي، وقد أصبحت تلك المساجد والمدارس معاقل للدعوة الإسلامية ونشر الإسلام في الهند. كما قدم العرب خدمة جليلة للثقافة الهندية بترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الهندية، وبسطوا الإسلام للهنود واتبعوا أسلوب التسامح الديني، وكانوا أهل ذمة وأمانة وصدق وقناعة، مما منحهم قدرة كبيرة من محبة أهل الهند الذين دخل الكثير منهم الدين الإسلامي سلما وعن قناعة واختلطوا بالعرب وتصاهروا معهم.
  • ومن أشهر أعلام اليمن في الهند: الشيخ العلامة علي بن محمد بن جدید ورفيقه الشيخ مدافع، والشيخ عبد الرحمن بن علي بن سفيان، والشيخ أحمد بن شيخ بن عبد الله العيدروس، والشيخ عبدالله بن علوي الحداد، والشيخ أحمد بن أبي بكر بافضل .
  • الصين : ترجع بداية العلاقات اليمنية الصينية إلى فترة ما قبل الميلاد، وكان للبخور اليمني والحرير الصيني مكانتهما البارزة في تطوير العلاقات التجارية بين البلدين، ولذلك أطلق اسم البخور، واسم الحرير على أهم طريقين تجاريين في فترة ما قبل الميلاد، وفترة ما قبل الإسلام. وقد عرفت الصين الإسلام مبكرا حينما وصل التجار والدعاة والعلماء اليمنيون مع غيرهم من العرب عن طريق البحر إلى جنوبها الشرقي وكونوا لهم جالية كبيرة في مدينة كانتون في القرن الثامن الميلادي قبل الفتح المغولي للصين. وقد كان البحارة اليمني المسلم أبو علي بن حازم من أعلم الناس بالبحر الصيني كما يقول المؤرخ المقدسي.

ثالثا – في جنوب شرق آسيا وأندونيسيا

كانت البداية الأولى لاتصال اليمنيين بأندونيسيا في القرن الرابع الميلادي. فقد وصل المهاجرون اليمنيون إليها واستقروا في شواطئ سومطرة وغيرها من الجزر الأندونيسية. وقد تم العثور في أندونيسيا على ثلاثة آلاف نقش مکتوب بعضها بالخط المسند الحميري وبعضها بالخط العربي، والبعض الآخر عبارة عن شواهد وقبور مدونة عليها أبيات من الشعر العربي ومؤرخة بالتاريخ الهجري؛ مما يدل على استقرار اليمنيين في أندونيسيا عبر مراحل تاريخية مختلفة تمتد من فترة ما قبل الميلاد إلى فترة ما بعد الهجرة النبوية. كما يفسر ذلك كتابة اللغة الأندونيسية بالحروف العربية . أما بعد الإسلام، فقد كان التجار اليمنيون هم أول من حمل الإسلام إلى أندونيسيا من التجار العرب .

وأبرز ما كان يتمتع به التجار المسلمون من يمنيين وغيرهم كانوا على قدر كبير من الذمة والأمانة والصدق والقناعة خاصة، وأن بعضهم كان يقوم بدور التاجر والعالم والداعية في نفس الوقت، مما أكسبهم محبة أهل أندونيسيا، وشجعهم على الاختلاط بهم ومصاهرتهم، وأصبح للتجار اليمنيين في أندونيسيا أحياء خاصة في المدن التجارية والموانئ التي كانت تمر بها سفنهم التجارية. ولم يكتف التجار اليمنيون بمهمتهم التجارية، وإنما أنشأوا في تلك الأحياء التجارية ( وبالتعاون مع الدعاة والعلماء ) مساجد للصلاة ومدارس للعلم كانوا يعلمون فيها القرآن والسنة، وأصبحت تلك المساجد والمدارس من أهم معاقل الدعوة إلى الإسلام و مراکز نشره في أندونيسيا والملايو وفيتنام، ولا زالت جاليات يمنية تعيش في أندونيسيا والملايو وفيتنام حتى وقتنا الحاضر.

وقد كان لليمنيين وغيرهم من العرب تأثیر ثقافي عربي إسلامي في أندونيسيا في مجال اللغة والأدب . ومن أشهر الدعاة اليمنيين في جنوب شرق آسيا وأندونيسيا أحمد بن حسن الحضرمي . كما كان البحارة اليمنيون المسلمون من رواد المحيط الهندي وجنوب شرق آسيا ومنهم : سليمان المهري، وأحمد بن ماجد .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى