
دور اليمنيين في نشر الإسلام في أفريقيا
كان دور اليمنيين في نشر الإسلام في أفريقيا عظيم ،من مقالنا هذا سنشرح لكم نبذة عن دور اليمنيين في نشر الإسلام في مصر و شرق وشمال أفريقيا.
أولا – في مصر
كان أبناء حضارة اليمن القديم قبل الإسلام على علاقة بأبناء حضارة وادي النيل في مصر القديمة. وقد توطدت هذه العلاقة بمرور الزمن من خلال الهجرات اليمنية القديمة التي استقرت في وادي النيل، والصلات التجارية والثقافية واللغوية والدينية. أما بعد الإسلام، فقد كان لليمنيين دورهم الكبير في نشر الإسلام عقيدة وحضارة في مصر مع غيرهم من العرب . وقد تجسد هذا الدور في الإسهامات التالية :
- أسهم اليمنيون بأعداد كبيرة في الجيش الذي فتح مصر عام ۲۰هجري وحررها من الروم بقيادة عمرو بن العاص في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وأصبح بعضهم من كبار رجال الدولة مثل : حجر بن عدي، وعبدالرحمن بن معاوية بن حديج .
- أسهم انتشار اليمنيين في أنحاء كثيرة من مصر في نشر الإسلام ودفع حركة التعريب بشكل كبير، ومنهم: یزید بن حبيب الأزدي الذي كان أول من أظهر علوم الدين والفقه بمصر، والمهاجر الصحابي عبيد بن محمد المعافري الذي كان أول من علم القرآن ودرس علومه .
- أثرى اليمنيون الحضارة العربية الإسلامية في مصر بإسهاماتهم في :
- تعمیر وتخطيط مدينة الفسطاط : حيث كان معاوية بن حديج، وشريف المرادي، وعمرو الخولاني، وابن ناشرة المعافري المخططين الرئيسيين لمدينة الفسطاط.
- تطوير علوم السيرة : حيث كان محمد بن عبد الملك هشام المعافري رائد من رواد علوم السيرة، ومن مؤلفاته الشهيرة سيرة ابن هشام .
- تطوير القضاء : حيث كان إبراهيم بن محمد بن أبي بكر الكندي رائد من رواد القضاء في مصر، فقد ولي القضاء فيها وألف العديد من المؤلفات في الشرع والقضاء.
- إدارة الدولة : حيث كان حنظلة بن الكلبي أحد أمراء مصر المشهورين.
- التعليم والتدريس : حيث عاش العلامة اليمني المشهور ابن خلدون في مصر لفترة بعد عودته من الأندلس والمغرب يحاور العلماء ويدرس الطلاب، ويقدم المشورة للحكام، ويؤلف مؤلفاته الشهيرة التي جعلت منه رائدا لفلسفة التاريخ، ومؤسسا لعلم الاجتماع وعلم الحضارات والعمران .
دور اليمنيين في الحضارة العربية الإسلامية ولا زالت قبور اليمنيين الموجودة في أماكن متفرقة من مصر شواهد دالة على دورهم ومساهمتهم في بناء الحضارة العربية الإسلامية، حتى أصبحت مصر قلعة شامخة من قلاعها حتى اليوم .
ثانيا – في شرق أفريقيا
أسهم التجار والعلماء اليمنيون مع غيرهم من العرب بدور كبير في نشر الإسلام بالطرق السلمية في بلدان شرق أفريقيا مثل: السودان، الحبشة ، الصومال، جيبوتي، کينيا، وحتی سفالة موزمبيق، وذلك عن طريق وسائل متعددة أبرزها:
- تبادل العلاقات التجارية بين التجار اليمنيين وتجار شرق أفريقيا .
- هجرة بعض القبائل اليمنيين واستقرارها في عدد من بلدان شرق أفريقيا.
- إنشاء التجار اليمنيين مع غيرهم من العرب العديد من المراكز التجارية على سواحل وجزر بلدان شرق أفريقيا مثل: زنجبار، وممباسا، وجزر القمر، ومدغشقر، وبمبا، ومافيا .
- قيام الجاليات اليمنية والعربية ( اليمنيون والعرب المقيمون في بلدان شرق أفريقيا ) بإنشاء العديد من المساجد والمدارس التي كانت تعلم السكان في بلدان شرق أفريقيا أصول الدين الإسلامي حتى أصبحت من أهم المعاقل للدعوة إلى الإسلام.
- اسهم العلماء والدعاة اليمنيون الذين كانوا ينتقلون إلى بلدان شرق أفريقيا بدور كبير في نشر الإسلام والدعوة إليه، ومن أشهر الدعاة والعماء اليمنيين العلامة الداعية أحمد بن حسن الحضرمي، الذي كان أول الدعاة في الحبشة، وكان له دور كبير أيضا في الدعوة إلى الإسلام في جنوب شرق آسيا، وكذلك العلامة الداعية غلام الدین عائد اليمني.
- إقبال العلماء وطلاب العلم من شرق أفريقيا على طلب العلم والتفقه في الدين على أيدي العلماء اليمنيين، وكانت مدن : زبيد، والمخا، وعدن من أهم المراكز الحضارية اليمنية التي انطلق منها اليمنيون لنشر الإسلام إلى أفريقيا.
ثالثا – في شمال أفريقيا
عرفت من دراستك للحضارات العربية القديمة أن أبناء حضارة اليمن القديم كانوا على علاقة مع أبناء شمال أفريقيا والمغرب القديم، وأن تلك العلاقة قد توطدت بمرور الزمن من خلال الهجرات اليمنية القديمة التي استقرت في المغرب القديم کهجرات الأقوام الذين يعرفون حاليا باسم ( البربر )، وكذلك خلال الصلات التجارية والثقافية واللغوية والدينية. أما بعد الإسلام ، فقد كان لليمنيين دورهم مع غيرهم من العرب في نشر الإسلام في شمال أفريقيا والمغرب، وقد تجسد دورهم في الإسهامات التالية :
- الإسهامات الفعالة في قيادة جيش الفتح الإسلامي لبلدان شمال أفريقيا والمغرب (ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا حاليا ). وكان موسى بن نصير، وحنش بن عبد الله الصنعاني، من أعظم القادة البارزين في فتوح شمال أفريقيا والمغرب.
- المشاركة في إدارة الدولة، ونظرا لقدرات وكفاءة موسی بن نصیر ومن معه من اليمانية، ولاه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان واليا على أفريقيا، وكان أول عمل قام به عندما أصبح واليا على أفريقيا هو فتح طنجة، ثم استكمل فتح بلدان المغرب كله، ووطد حکم الدولة الإسلامية والخلافة الأموية في عموم الشمال الأفريقي، ومن أهم ما قام به بناء دار لصناعة السفن على مقربة من طنجة إنشاء أسطول بحري ضخم.
- قام موسی بن نصیر بعد استكمال فتح كل بلدان شمال أفريقيا والمغرب، بنشر الإسلام بين البربر، وإدخال آلاف المسلمين منهم في الجيش الإسلامي، وبنی دار لصناعة السفن على مقربة من طنجة وأنشأ أسطوة بحرية ضخمة لحماية الثغور الإسلامية .
- دور اليمنيين في فتح صقلية بقيادة القائد اليمني معاوية بن حديج الكندي .
- لم يقتصر دور اليمنيين على قيادة الجيوش الإسلامية، بل وصل بعض اليمنيين إلى مرتبة الأمراء والملوك مثل، القائد اليمني أحمد الكلبي كان أميرا لصقلية، و إبراهيم بن تاشفين آخر ملوك دولة المرابطين في المغرب .
امتد دور اليمنيين في شمال أفريقيا من المجال السياسي والعسكري إلى المجال الفكري والثقافي والحضاري، حيث برز من اليمنيين علماء اشتهرت مؤلفاتهم في أوروبا قبل عصر النهضة الأوربية مثل : علي بن أبي الرجال القيرواني في الفلك، وأبي اليسر الشيباني الذي أسس وترأس بيت الحكمة القيرواني ( في تونس حاليا ) وهي أقدم مؤسسة فكرية وجدت في تونس الدراسة العلوم الفلسفية والرياضية والفلكية والطبية . وهكذا كان لليمنيين دورهم في نشر الإسلام عقيدة وحضارة في أفريقيا، حيث كانوا قادة وجيوش وجندا عند الحرب، وكانوا دعاة وتجارة السلم، وبذلك فتحوا البلدان واقتحموا الحصون وأسقطوا القلاع، وفيما بعد قاموا بتخطيط المدن وإنشاء دور الصناعة والعبادة والعلم.