أخطر أنواع الفساد في الأرض الذي يحدث عند مخالفة منهج الله
مفهوم الفساد
الفساد بالمفهوم العام: نقيض الصلاح والعدل وهو كلمة شائعة الاستعمال ، يستخدمها الناس كثيراً لتعني صفة في الشيء تمنع من الانتفاع به. وقد يعني أيضاً الاضطراب والخلل.
أما مفهوم الفساد من منظور إسلامي: هو مجموعة من المعتقدات والتصورات التي يتمثلها فرد أو تسود في مجتمع ، أو السلوكيات والأعمال التي يقوم بها فرد أو مجتمع تتعارض مع مبادئ الشرع الحنيف وأحكام الشريعة الإسلامية، مما يؤدي إلى أضرار تلحق بالأفراد والمجتمعات.
إقرأ أيضاً : أسباب الفساد في القرآن.
أخطر أنواع الفساد في الأرض
من خلال المفهوم السابق ندرك أن للفساد أنواعاً مختلفة ومن أخطر أنواع الفساد في الأرض ما يأتي :
- أولاً : الفساد العقدي :
لعل من أخطر أنواع الفساد في الأرض وأكثرها ضرراً على الأفراد والمجتمعات الفساد العقدي ، ويأتي هذا النوع من الفساد نتيجة تصورات مغلوطة تفسر بها القضايا والأحداث ، وتتمثل خطورته في أنه يقود في كثير من الأحيان إلى أنواع أخرى من الفساد ، لأن تصور شخص أو مجتمع لقضية معينة يدفعهم لأن يسلكوا وفق ما يتصورونه ويعتقدونه ، فتصور الوثنيين واعتقادهم بأن أوثانهم تضر وتنفع دفعهم إلى عبادتها ، واتخاذها آلهة ، قال تعالى : ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ۚ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [سورة يونس, آية: ١٨].
كما أن تصور الملاحدة لما بعد الموت وإنكارهم للبعث دفعهم إلى الإغراق في التمتع بالملذات دون خوف من عقاب ما داموا قادرين على التستر والتواري عن عيون الناس.
- ثانياً : الفساد التشريعي :
لكل مجتمع نظامه الذي يسير وفق تشريعاته وقوانينه وأحكامه ، وقد يصيب هذه التشريعات أشكالاً من الفساد ، وهناك صورتان للفساد التشريعي تتمثل أحداهما في اشتمال هذه الأنظمة على تشريعات من شأنها التمكين للفساد ، كتشريع جواز التعامل بالربا ، أو الزنا، دون مراعاة لما تحدثه هذه التشريعات من استغلال حاجة الناس واستشراء الفقر في المجتمعات في ظاهرة تشريع الربا ، والقضاء على الأسرة وتحلل المجتمعات في ظاهرة الزنا.
وهناك صورة أخرى للفساد التشريعي تتمثل في عدم تطبيق الأحكام التشريعية ، مما يدفع المجتمعات إلى الفوضى ، ويؤذن بهلاكها ، قال رسول الله ﷺ : ( إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ) [مسلم : كتاب الحدود ، باب قطع يد السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود, عن عائشة رضي الله عنها].
- ثالثاً : الفساد الخلقي :
تتمثل التشريعات والقوانين السلطة الخارجية لإلزام الأشخاص بسلوكيات معينة والابتعاد عن سلوكيات أخرى ، وتمثل الأخلاق سلطة أخرى لهذا الإلزام ، وهي سلطة ذاتية تنبع من داخل الفرد توجهه إلى فعل شيء أو تركه بعيداً عن سلطة الآخرين.
ويعد الوازع الخلقي أقدر على السيطرة وكبح جماح الإنسان ، يردعه عن الشر ويحبب إليه الخير ، ويتحكم في سلوكه سواء أكان أمام الناس أم بعيداً عن أعينهم وإذا غاب هذا الوازع في نفوس الناس سهل انتشار الفساد بينهم ، ولعل كثيراً من أنواع الفساد في الأرض يمكن إرجاعها إلى الفساد الخلقي ، فالفساد السياسي والفساد الأمني والفسلد الإداري والفساد الاقتصادي وما ينتج عنها من شيوع الظلم والقهر ، وإشاعة الخوف وعدم التزام بالقوانين ، وسرقة واختلاس ونهب للمال العام ، كل ذلك مرده إلى فساد الأخلاق وضعف القيم الحاكمة لسلوك الإنسان.