وظيفة القانون وصور الجزاء القانوني
ما هي وظيفة القانون ؟ إن وسيلة القانون لتحقيق أهدافه تتأثر بصورة واضحة بالنظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي السائد في المجتمع، كما تتأثر بفكرة العدل التي تتراوح بين تحقيق التكافؤ في العلاقات السائدة بين الأفراد وتحقيق سيطرة الجماعة، وتأسيسا على ذلك ساد الأنظمة القانونية في مجال وظيفة القانون نظريتان هما: النظرية الفردية، والنظرية الاجتماعية ولم تحقق هاتين النظريتين أهداف القانون.
إقرأ أيضاً: شرح مصادر القانون بالتفصيل.
وظيفة القانون
- أولاً ــ وظيفة القانون وفقاً للنظرية الفردية:
ظهرت هذه النظرية في القرنين السابع عشر والثامن عشر کرد فعل النظام الإقطاعي السائد قبلها وأساس هذه النظرية هو: أن وظيفة القانون وغايته هي حماية حقوق الأفراد وحريتهم وتحقيق سعادتهم فالفرد وفقاً لهذه النظرية هو أسمى ما في الوجود ، ولهذه النظرية انعكاسات على الجوانب السياسية، والاقتصادية، والقانونية.
فعلى الصعيد السياسي تنحصر سلطات الدولة في مواجهة الأفراد في أضيق الحدود وتلتزم في سلوكها مع الأفراد بمبادئ تقديس حقوق الأفراد.
وعلى الصعيد الاقتصادي تدعو لترك المجال مفتوحاً أمام النشاط الفردي الحر حيث ساد مبدأ “دعه يفعل دعه يمر”.
وعلى الصعيد القانوني تهدف إلى كفالة الحد الأقصى من الحرية الفردية.
- ثانياً ــ وظيفة القانون وفق النظرية الاجتماعية أو الاشتراكية:
هذه النظرية ليست سوى ناتج عن مغالات النظرية الفردية في تصور الأمور، فغاية القانون ووظيفته وفقاً لهذه النظرية هي مراعاة وحماية المصلحة العامة للمجتمع، فمصلحة الجماعة تسمو على المصلحة الخاصة وفي حال تعارض مصلحة الفرد مع الجماعة رجحت مصلحة الجماعة التي هي أولى بالرعاية.
وعلى الصعيد الاجتماعي تؤمن هذه النظرية بالمساواة بين أفراد المجتمع، وقد نتج عن هذه النظرية في المجال القانوني تقلص مبدأ سلطان الإرادة حيث لم تعد الأرادة حرة في أن تلتزم أو لا تلتزم، أما بالنسبة للملكية لم تعد حقاً مطلقاً بل أصبحت للملكية وظيفة اجتماعية.
وان النظرية الاجتماعية أو الاشتراكية وإن تجنبت عيب النظرية الفردية إلا أنها غالت في تقديس الجماعة وضحت بالفرد في سبيل الجماعة.
إقرأ أيضاً : تقسيم القانون وفروع القانون العام والقانون الخاص.
صور الجزاء القانوني
يختلف الجزاء القانوني باختلاف طبيعته وقوته، فهناك الجزاء الجنائي والمدني والإداري والمهني وسنتناول هذه الصور فيما يلي:
- أولاً ــ الجزاء الجنائي:
يوقع هذا النوع من الجزاء عند مخالفة قاعدة من قواعد قانون العقوبات، ويعتبر من أشد أنواع الجزاءات التي توقع على من يخالف القواعد القانونية، ويقوم الجزاء الجنائي بوظيفتين هما، المنع والزجر. فالقاعدة
الجنائية التي تنص على عقوية معينه عند مخالفتها، إنما تمنع بذلك الأفراد من ارتكابها خوفاً من التعرض للعقوبة، وإذا وقعت الجريمة وطبقت العقوبة على الجاني فإن ذلك يعتبر زجراً وردعاً للغير من ارتكاب الجريمة.
والجزاء الجنائي مقرر لمصلحة المجتمع وليس للمجني عليه حتى ولو كانت الجريمة قد وقعت على حق خاص، لأن ضررها يصيب المجتمع، ولذلك فإن المطالبة بتوقيع الجزاء الجنائي يقع على النيابة العامة لأنها تمثل المجتمع، ويتخذ الجزاء الجناني صوراً متعددة تختلف باختلاف جسامة الجريمة المرتكبة وقد قسم قانون العقوبات اليمني الجرائم إلى جرائم جسيمة وجرائم غیر جسيمة.
- ثانياً ــ الجزاء المدني:
وهو أقل شدة من الجزاء الجنائي، ويوقع عند مخالفة قواعد وأحكام القانون المدني، ويتمثل الجزاء المدني بتنفيذ الإلتزام. وتنفيذ الإلتزام إما أن يكون تنفيذاً مباشراً أي عينياً، وإما أن يكون تنفيذاً غير مباشراً أي بطريقة التعويض وهو عندما يكون تنفيذ الإلتزام العيني متعذراً أو مستحيلاً أو فيه ارهاق للمدين.
ومن صور الجزاء المدني البطلان والفسخ. ويختلف جزاء البطلان عن جزاء الفسخ في أن البطلان يقع بسبب مخالفة للقانون أثناء إنشاء التصرف القانوني، أما الفسخ فهو يقع بعد إبرام التصرف، أي بسبب لاحق لإنشاء التصرف القانوني.
- ثالثاً ــ الجزاء الإداري:
هو الذي يترتب على مخالفة قواعد القانون الإداري، ويتمثل هذا الجزاء أما بتوجيه إنذار للموظف المخالف لقواعد الوظيفة أو الخصم من الراتب أو تأخير الترقية أو الفصل من الوظيفة، كما قد يتمثل الجزاء في صورة إلغاء القرار الإداري المخالف للقانون إذا صدر القرار معيباً بعيب عدم الاختصاص أو عيب الشكل، أو مشوباً بسوء استعمال السلطة أو الانحراف بها.
- رابعاً ــ الجزاء المهني:
هو الجزاء الذي يقع على الأشخاص الذين يخالفون قواعد المهنة، كالأطباء والمهندسين والمحامين والمحاسبين، ويتمثل هذا الجزاء في صور عديدة منها الحرمان المؤقت أو الدائم من ممارسة المهنة، أو فرض غرامة مالية على المخالف أو الإنذار أو الفصل من النقابة، كما يجوز للمحاكم أن تفرض الجزاء المهني كعقوبة تبعية، فإذا تسبب طبيب بخطئه إلى قتل مريض أو اصابته بعاهة جسيمة، يجوز للمحكمة أن تقرر عقوبة السجن بحقه والزامه بتعويض المتضرر، كما أن تقرر عقوبة مهنية أخرى.