فوائد دراسة السيرة النبوية وأهدافها وخصائصها
السيرة النبوية هي استجلاء صفات الرسول ﷺ الخَلْقِيَّة والخُلُقيَّة، وتتبع حياته من ولادته إلى وفاته، وما صاحبها من مواقف وأحداث، ودراسة السيرة النبوية لا يعني مجرد الوقوف على الوقائع والأحداث التاريخية ولا سرد القصص، وإنما الغرض منها أن يجد المسلم الحقيقة الإسلامية في مجموعها متجسدة في حياته ﷺ ليكون للمسلم قدوة وأسوة حسنة.
فوائد دراسة السيرة النبوية وأهدافها
نستطيع إدراك أهمية وفوائد دراسة السيرة النبوية بالنظر إلى أهداف دراستها، المتمثلة فيما يأتي:
- فهم شخصية الرسول ﷺ من خلال حياته وظروفه التي عاش فيها، للتأكد من أنه يكن مجرد عبقري سَمَت به عبقريته بين قومه، ولكنه رسول أيّده الله بوحي
- من عنده وكلفه بمهمة تبليغ التعاليم الإلهية ، وهداية الناس.
- التعرف على صورة للمثل الأعلى في كل شأن من شؤون الحياة الفاضلة، لتكون للدارس منهجاً يسير عليه، فحياته عليه الصلاة والسلام تقدم لنا النموذج الكامل للشاب المستقيم في سلوكه، الأمين مع قومه وأصحابه، كما تقدم النموذج الرائع للداعي إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، الباذل منتهی الطاقة في سبيل إبلاغ رسالته، ولرئيس الدولة الذي يسوس الأمور بحذق وحكمة بالغة، وللزوج المثالي في حسن معاملته، وللأب في حنو عاطفته، وللقائد العسكري الماهر، وللمسلم الجامع بين واجب التعبد لربه وحسن المعاشرة مع أهله وأصحابه، وفي هذا المعنى يقول الله تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب,آية:۲۱].
- توفير أكبر قدر من الثقافة والمعارف الإسلامية الصحيحة، سواء ما كان منها متعلقاً بالعقيدة أم الأحكام أم الأخلاق، خصوصاً وأن حياته عليه الصلاة والسلام
- شاملة لكل النواحي : الإنسانية، والاجتماعية، التي توجد في الإنسان من حيث إنه فرد مستقل بذاته أو من حيث إنه عضو فَعَّال في المجتمع.
- الاستعانة بدراسة السيرة على فهم كتاب الله تعالى وتذوق معانيه ومقاصده، إذ إن كثيراً من آيات القرآن إنما تفسرها وتجلِّيها الأحداث التي مرت برسول الله ﷺ ومواقفه منها.
- الوقوف على التطبيق العملي لأحكام الإسلام في عقيدته وشريعته وأخلاقه التي تضمنتها الأيات القرآنية والأحاديث النبوية في مجالات الحياة المختلفة، من خلال دراسة سيرة الرسول ﷺ.
- تعرف شمائل الرسول ﷺ وأحواله وسلوكه في الحياة، وجعلها نموذجاً يقتدی به في الأقوال والأفعال.
- غرس محبة رسول الله ﷺ وطاعته، وذلك لأن محبته من محبة الله عز وجل، وطاعته من طاعة الله عملاً بقوله تعالى: ﴿مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ..}[النساء,آية:٨٠].
- التعرف على أطوار الدعوة الإسلامية، وما كابده الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه في سبيل الدعوة إلى الله، وإعلاء كلمته، فقد كان معلماً ناصحاً، ومربياً حكيماً، بذل أقصى الجهود لتبليغ الرسالة، وأداء الأمانة.
خصائص السيرة النبوية و مميزاتها
تفردت السيرة النبوية بخصائص ومميزات كثيرة، وفيما يلي نستعرض أهمها بإيجاز :
- (أولاً) الصحة
تمتاز السيرة النبوية بأنها أصح سيرة لنبي مرسل، فقد وصلت إلينا بأصح الطرق العلمية وأقواها ثبوتاً ، مما يسر لنا معرفة ما أضيف إليها مما ليس منها.
- (ثانياً) الوضوح
اتسمت حياة الرسول عليه الصلاة والسلام بالوضوح والدقة في جميع مراحلها منذ زواج أبيه عبدالله بأمه آمنة إلى وفاته عليه الصلاة والسلام، فالمسلمون يعرفون الكثير عن ولادته وطفولته وشبابه، وسعيه لطلب الرزق الحلال قبل النبوة، ورحلاته خارج مكة إلى أن بعثه الله رسولاً، كما أنهم يعرفون أدق أحواله بعد النبوة باليوم والشهر والسنة، حتى التحاقه بالرفيق الأعلى، مما جعل سيرته واضحة ومستوعبة لدى جميع المسلمين.
- (ثالثاً) الإنسانية
إن سيرة الرسول ﷺ تحكي سيرة الإنسان الكامل الذي لم يخرج عن الإنسانية، ولم يرتفع إلى درجة فوق درجة البشر، بل هو إنسان سوي عاش حياة إنسانية، لم يتميز عن البشر إلا بالوحي والعصمة، وهذا ما جعل رسول الله ﷺ قدوة لجميع البشر، ورحمة للعالمين.
- (رابعاً) الشمول
إن سيرة الرسول الكريم ﷺ شاملة لكل نواحي الحياة الإنسانية ، فهي تتحدث عن محمد ﷺ الزوج ، والجار، ورجل الدولة، ورجل الحرب والسلام، وهذا ما جعله قدوة لكل قائد، ولكل أب، ولكل زوج، ولكل صاحب، ولكل مربٍ، ولكل سياسي، ولكل رئیس دولة، ولكل مجاهد، ولكل داعية.
- (خامساً) الواقعية
إن سيرة الرسول الكريم ﷺ سيرة إنسان طبيعي سار بدعوته، فتعرض لم يتعرض له كل الدعاة ، فلقد دعا فأوذي، وبلَّغ فأصبح له أنصار وخصوم، واضطر إلى الحرب فحارب، وابتلي بتكالب أعداء الله عليه، فصبر وثبت، وطرح دعوته خطاباً للعقل البشري محاججاً بالمنطق والحكمة البالغة، والموعظة الحسنة، وهذا ما يجعلنا نتيقن أن سیرته عليه الصلاة والسلام موضوعية وواقعية. وقد أكرم الله رسوله بكثير من المعجزات، ولكنها لم تكن هي الطريق الوحي لإقناع الناس بنبوته ورسالته، بل كان طريقه إلى قلوب الناس وعقولهم هو الإقناع والمجادلة بالتي هي أحسن، فكان خطابه خطاباً واقعياً وموضوعياً، موجهاً إلى العقول والقلوب والأرواح.