صوم شهر رمضان
يعتبر صوم شهر رمضان ركناً مهماً من أركان الاسلام ، لا يتم إسلام المرء إلا به ، وقد أوجبه الله تعالى على المسلمين ، وجعل ذلك طريقاً للعفو والغفران ، فقد جاء عن رسول الله ﷺ أنه قال : (( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))[ أخرجه البخاري ( كتاب الإيمان ، باب الصوم إحتساباً) ، راوي الحديث أبي هريرة رضي الله عنه].
-
فضل شهر رمضان
فضل الله عز وجل شهر رمضان الكريم على سائر شهور السنة ، فأنزل فيه القرآن ، قال تعالى : (( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )[ البقرة : ١٨٥ ].
ومن فضل شهر رمضان ، أن جعل الله تعالى فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، يقول الله سبحانه وتعالى : (( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ )) [ القدر : ٣ ].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ﷺ : (( التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان)) [ أخرجه مسلم ( كتاب الصيام ، باب فضل ليلة القدر )].
ومن فضل شهر رمضان ، أن فيه تُفَتحَ أبواب الجنة ، وتغلق أبواب النار ، وتُقَيَّد الشياطين ، فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا جاء رمضان فُتَّحَتْ أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين)) [ أخرجه مسلم ( كتاب الصيام ، باب فضل شهر رمضان )]
ومن فضل شهر رمضان ، أن فيه يكثر عتقاء الله من النار ، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : (( إن لله عند كل فِطْرٍ عتقاء وذلك في كل ليلة)) [ أخرجه ابن ماجة ( كتاب الصيام ، باب فضل شهر رمضان )].
-
حكم صوم شهر رمضان
يجب صوم شهر رمضان من كل عامٍ على كل مسلم ، إذا كان : بالغاً ، عاقلاً ، لقوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) [ البقرة : ١٨٣ ].
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال : (( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن أستطاع إليه سبيلاً )) [ أخرجه البخاري( كتاب الإيمان ، باب بني الإسلام على خمس )].
-
كيف تعرف دخول شهر رمضان ؟
إما برؤية الهلال بعد غروب شمس آخر من شعبان ، وإما بإكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً.
ونعرف نهايته برؤية هلال شوال بعد غروب شمس آخر من رمضان ، أو بإكمال عدة رمضان ثلاثين يوماً ، لما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : (( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمي عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوماً )) [ أخرجه مسلم ( كتاب الصيام ، باب الصوم لرؤية الهلال) ].
-
حكم الإفطار في شهر رمضان
يحرم على المسلم الإفطار في شهر رمضان عمداً لغير عذر ، فإذا أفطر لغير عذر شرعي كالمرض ، أو السفر ، أو غيرها من الأعذار الشرعية التي تبيح للمسلم الإفطار ، فإنه يجب عليه القضاء والكفارة ؛ قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {١٨٣} أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {١٨٤}) [ البقرة ]. وفيما ورد في الحديث النبوي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (( أن النبي ﷺ أمر من أفطر عمداً في رمضان بالقضاء والكفارة )) [ أخرجه مسلم ( كتاب الصيام ، باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان) ]. أما إذا أفطر المسلم في رمضان لعذر شرعي فيجب عليه القضاء ، ولا تجب عليه الكفارة.
-
مبطلات الصيام في شهر رمضان
ويبطل الصوم بأحد الأمور الآتية :
١) الأكل والشرب عمداً في نهار رمضان ، لقولهﷺ : (( من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه)) [ في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ].
٢) بالجماع في نهار رمضان فعليه كفارة .
٣) بالقيء عمداً ، لحديث الرسول ﷺ : (( من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمداً فليقضِ)) [ أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة والحاكم وصححه ].
-
الأعذار المبيحة للإفطار
إن الاسلام دين يسر ، فالله الذي فرض علينا صوم شهر رمضان وشدد في النهي عن إفطاره ، يسر على عباده ، فلم يكلفهم ما لا يطيقون ، وأجاز لهم الإفطار وأمرهم بالقضاء ، ومن الأعذار المبيحة للإفطار :
١) المرض والسفر ، قال تعالى : ( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) [ البقرة : ١٨٤ ].
٢) الحيض والنفاس ، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر الحائض والنفساء بالإفطار وقضاء الصوم )) [ أخرجه الترمذي ( كتاب الصوم ، باب قضاء الحائض للصوم) ].
٣) العجز بكبر السن ، لقوله تعالى : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ ) [ البقرة : ١٨٤ ]. فقد جاء عن ابن عباس أن المراد بالآية : أن على العاجز عن الصوم فدية طعام مسكين ، وكذلك المريض الذي لا أمل في شفائه.
٤) الحامل إذا خشيت على نفسها ، وكذلك المرضع إذا خشيت على نفسها ولدها ، لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه (( رخص للحبلى التي تخاف على نفسها أن تفطر وللمرضع التي تخاف على ولدها )) [ أخرجه ابن ماجة ( كتاب الصوم ، باب ما جاء في إفطار الحامل والمرضع) ، راوي الحديث أنس بن مالك رضي الله عنه ].