الدينالفقة الاسلامي

شروط إقامة حد الزنا في الإسلام للمحصن و غير المحصن و حكمه و مسقطاته

شروط إقامة حد الزنا

ما هي شروط إقامة حد الزنا في الإسلام ؟

الأسرة أساس المجتمع واللبنه الأساسية في تكوينه ، وانهيارها أو تفككها انهيار له. ومن أخطر الأمور التي تهدد استقرار وتماسك الأسرة وتقضي على نظامها جريمة الزنا. لذلك فإن الشارع الحكيم وضع عقوبة رادعة لمن يرتكب هذه الجريمة الشنعاء صيانة للأسرة وحماية للمجتمع. كما أن الإسلام قد عمل على تنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة، وخصوصاً ما يتعلق بالجانب الجنسي. فمن جهة شرع الزواج وجعله وسيلة للعلاقة بين الرجل والمرأة، وقاعدة لإقامة نظام الأسرة. ومن جهة أخرى حرم الإسلام الممارسات الجنسية القائمة على الفوضى والإباحية، كالزنى واللواط وسائر أنواع الشذوذ الجنسي. وفي هذا المقال عزيزي القارئ سنتعرف على مفهوم الزنا ، وحكم الزنا في الإسلام، وشروط إقامة حد الزنا، وأنواع عقوبة الزنا ، ومسقطات الحد عن الزاني.

مفهوم الزنا في الإسلام 

الزنا : هو الوطء الواقع بين رجل وامرأة بدون عقد نكاح أو شبهة. ويعد الزنا تمرّداً على النظام الذي شرعه الله عز وجل في علاقة الرجل مع المرأة، وخللا يمس سلامة الأسرة ويدمر سلوكها الاجتماعي. و الزنا ليس مجرد سلوك فردي يستجيب فيه الإنسان لنوازعه الذاتية، ولا نزوة غريزية يخضع الإنسان فيها لشهواته ورغباته فحسب.

حكم الزنا في الإسلام

حرم الإسلام الزنا ، وشدد في تحريمه ، ونهى عن الاقتراب منه بمباشرة أسبابه القريبة أو البعيدة ، فضلا عن مباشرته. قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [سورة الإسراء, آية: ٣٢]. وقال تعالى: ﴿الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سورة النور, آية: ٣]. وقد شدد الإسلام على جريمة الزنا فأولاها إهتماماً كبيراً، فبعد أن حرمه تحريماً قاطعاً، عمل على سد الذرائع التي تسبب في إنتشاره. فأمر بغض البصر وحفظ الفرج، قال تعالى: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [ سورة النور, آية: ٣٠]. كما أن الإسلام شجع على الزواج الشرعي، ووضع نظاماً لتعامل الرجل مع المرأة، وشرع عقوبات مناسبة لجميع التجاوزات.

ما يثبت به حد الزنا 

يثبت حد الزنى بطريقتين هما :

  1. الإقرار : وهو اعتراف الزاني بأنه زنى ، ويستمر على اعترافه حتى يقام عليه الحد ، لحديث أن رسول الله ﷺ قال: (( أغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها )) [أخرجة البخاري في كتاب الحدود ، باب الاعتراف بالزنا ، من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد رضي الله عنهما]. “كما أخذ رسول الله باعتراف ماعز والغامدية وأقام عليهما الحد” [أخرجة مسلم كتاب الحدود ، باب من اعترف على نفسه بالزنى ، من حديث بريده عن أبيه رضي الله عنه]. وإذا اقر رجل بالزنى بامرأة معينة فجحدت فإنه يقام عليه الحد وحده ، ولا تحد هي.
  2. الشهادة : وقد شدد الإسلام في إثبات هذه الجريمة تشديداً بالغاً ، فاشترط في الشهود عليها ما لم يشترطه في إثبات الجرائم الأخرى. كالردة، والسرقه ، والحرابة وغيرها من الجرائم، ومن هذه الشروط :
  • أن يكون الشهود أربعة ، قال تعالى: ﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ ۖ…﴾[سورة النساء, آية: ١٥].
  •  أن يكون الشهود الأربعة مكلفين ليس فيهم صبي ولا مجنون.
  •  العدالة وهي وإن كانت مطلوبة في كل شاهد لإثبات حق ، إلا أنها هنا أكثر تأكيداً. قال تعالى: ﴿… وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ . . .﴾ [سورة الطلاق, آية: ٢].
  •  أن يشهد جميعهم بأنهم رأوا فعل الزنى عياناً دون شك ، محددين زمن الجريمة ومكانها وأشخاصها وهيئتها ، ولا يختلفون في شيء من ذلك.
  • الإسلام ، سواء كانت الشهادة على مسلم أو غيره.
  •  أن يكون الشهود من الذكور فلا تقبل شهادة النساء لاثبات حد الزنى.

شروط إقامة حد الزنا في الإسلام 

تشمل شروط إقامة حد الزنا الشروط الآتية : 

  1.  أن يكون الزاني مكلفا ، فلا يقام الحد على المجنون ، ولا عن الصبي. لحديث الرسول ﷺ : (( رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يشب وعن المعتوه حتى يعقل )) [أخرجه الترمذي ، كتاب الحدود ، باب من يجب عليه الحد ، من حديث علي رضي الله عنه].
  2.  أن يكون مختاراً ، فلا يقام الحد على المكره. لحديث الرسول ﷺ : (( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )) [أخرجه ابن حبان ، باب فضل الأمة . من حديث ابن عباس رضي الله عنهما].
  3.  ثبوت جريمة الزنى بالإقرار أو الشهود.
  4.  العلم بالتحريم فقد راجع النبي ﷺ ماعزاً فقال له :((هل تدري ما الزنى ؟ )) [ سبق أخراجه].

أنواع عقوبة الزنا

إذا ثبت حالة الزنا ، فلا تخلو حالة الواقعين فيه من إحدى الحالات الآتية : 

  •  أن يكون كل منهما بكراً (أي غير متزوج). فيجلد كل واحد منهما مائة جلدة ، بحضور مجموعة من المؤمنين قال تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سورة النور, آية: ٢]. بالإضافة إلى النفي أو الحبس لمدة عام ، لحديث أن رسول الله ﷺ : (( قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عام ، وإقامة الحد عليه )) [أخرجة البخاري في كتاب الحدود ، باب البكران يجلدان وينفيان ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].
  •  يجب أن يكون كل من الزاني والزانية محصناً، والمحصن هو: المتزوج بعقد صحيح مع الدخول على زوجته بالجماع. فيرجم كل منهما حتى الموت ، ويغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين.
  •  إذا كان أحدهما بكراً والآخر ثيباً فيجلد البكر ويحبس سنة ، ويرجم الثيب. أما العبد والأمة فليس عليهما رجم ، وإنما يجلد كل واحد منهما خمسين جلدة لقوله تعالى: ﴿… فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ۚ… [سورة النساء, آية: ٢٥].

مسقطات الحد على الزاني

يسقط الحد على الزاني لوجود أحد الأسباب الآتية :

  1.  رجوع المقر بالزنى عن إقراره إذا كان الحكم قد بني على ذلك.
  2.  رجوع الشهود عن الشهادة قبل تنفيذ الحد.
  3.  امتناع الشهود أو أحدهم عن الرجم بعد الحكم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى