الحديث النبويالدين

شرح وتخريج حديث أفشوا السلام بينكم

حديث أفشوا السلام بينكم

نص الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :( لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ) .

معاني ألفاظ الحديث

  • لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا: فالجنة لا يدخلها إلا النفوس المؤمنة، والمعنى هنا: لا تدخلون الجنة إلا أن تؤمنوا، لأن ما بعدها وهو الإيمان ليس غاية لما قبلها وهو دخول الجنة، ولا مسبباً عنه، حتى تكون للغاية أو للتعليل، والفعل بعدها منصوب بأن مضمرة.
  • ولا تؤمنوا حتى تحابوا: هذا دليل على أن التحابّ بين أهل الإيمان من الصفات الواجبة التي يجب تحققها بين المؤمنين. فكأن ذلك من قبيل شروط الوجوب في الإيمان، يعني: الكمال الواجب، وقد يقول: قائل هنا: إن الحب، والبغض، والرضا، ونحو ذلك، كالحياء، ونحوه، هذه أمور لا يملكها الإنسان، وإنما تقع في قلبه من غير اختيار، ولا إرادة.
  • أفشوا السلام بينكم : انشروه، والإفشاء هو الإظهار، ومنه إفشاء السر، والمراد هنا نشر السلام بين الناس. والسلام هو: تحية الإسلام وهي «السلام عليكم ورحمة الله». أفشوا السلام بينكم ، يعني أيضاً: أشيعوه وانشروه، وهذا أمر مشاهد، فإن الذي يسلم على الناس، يسلم على من يعرف، ومن لا يعرف، تميل إليه القلوب، وتحبه، والذي لا يبالي بهم، ولا يكترث، ولا يسلم، ولا يلقي السلام على أحد، لا شك أن الناس ينقبضون منه.

تخريج حديث أفشوا السلام بينكم

حديث أفشوا السلام بينكم أخرجه “أخرجه مسلم, كتاب الإيمان”، وأخرجه أبو داود في سننه, برقم ٤٥٨٤”، وأخرجه “الترمذي في جامعه, برقم ٢٧٣٧”، وأخرجه “ابن ماجه في سننه, برقم ٣٧١٥”، وأخرجه “ابن حبان في صحيحه, برقم ٢٣٦”، وأخرجه “البيهقي في السنن الكبير, برقم ١٩٣٦٦”، وأخرجه “أبو نعيم الأصبهاني في أخبار أصبهان, برقم ١٩٦٧”، وأخرجه “أبو عوانة في مستخرجه, برقم ٦٦”، وأخرجه “ابن أبي شيبة في مصنفه, برقم ٢٥٢٣٠”.

شرح حديث أفشوا السلام بينكم

يهدف الإسلام إلى نشر المحبة بين المسلمين، ومن أعظم أسباب حصول المحبة بين المسلمين إفشاء السلام بينهم، فالسلام تحية تبعث الأنس والأمان، لأنها دعاء بالسلامة والرحمة والبركة، فينمو الود وتزداد الألفة وتزول الوحشة بين المسلمين.

وفي حديث أفشوا السلام بينكم يربط رسول الله ﷺ دخول الجنة بوجود الإيمان، كما يربط الإيمان بوجود المحبة، وحرصاً منه ﷺ على تعليمنا كل ما ينفعنا فهو يرشدنا ويرغبنا إلى ما ينشر المحبة بيننا فيقول : « أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم» .

والسلام اسم من أسماء الله تعالى وهي تحية المسلمين في الدنيا، وقد اختارها الله لأن تكون تحية أهل الجنة في الحياة الأخرى ، قال تعالى: ﴿وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ﴾ [سورة يونس, آية:١٠]. وهي حق من حقوق المسلم على أخيه المسلم، قال ﷺ : (حق المسلم على المسلم ست ، منها أن يسلم عليه إذا لقيه) [أخرجه مسلم]. ولذلك، نجد العتاب علی من يدخل مجلس دون أن يسلم على الحاضرين.

ومن آداب السلام أن يسلم الصغير على الكبير، والراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير. فيقول من يبدأ بالسلام « السلام علیکم » بلفظ الجمع وإن كان واحد لأن بجوارهما من الملائكة ما لا يحصى، ولا تكفي الإشارة بالعين أو بالكف ، ولا تغني صباح الخير أو مساء الخير، بل لا بد من الجهر بالسلام، وأفضل الناس من يبدأ بالسلام ويسلم على من يعرف ومن لا يعرف.

سُئل النبي ﷺ : أي الإسلام خير؟ فقال: (تطعم الطعام وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) [أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي]. ومن الواجب على المسلم أن يرد التحية بأحسن منها، فإذا قال المبتدئين « السلام علیکم » ، فيكون الرد : «وعلیکم السلام ورحمة الله » ، أو يكتفي برد التحية التي ألقيت امتثالاً لقول الله تعالی: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا﴾ [سورة النساء, آية:٨٦]. ومن السلام نقله وإرساله، جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال لها: (أن جبريل يقرئك السلام، قالت : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته) [رواه الترمذي: في كتاب الاستئذان].

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى