الحديث النبويالدين

شرح حديث صفات المنافقين

شرح حديث صفات المنافقين

حديث عن صفات المنافقين

نص الحديث: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: (أربعٌ من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلةٌ منهن كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يدعها، إذا اْئتُمِنَ خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر).

 

التعريف براوي حديث صفات المنافقين

هو عبد الله بن عمرو بن العاص، صحابي جليل سبق أباه إلى الإسلام. كان عابداً زاهداً صائماً قائماً، مجاهداً ، محباً للشهادة ، أحد حفظة القرآن الكريم. كان يكتب أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، من الرواة المكثرين للحديث، توفي في المدينة المنورة عن عمر بلغ الثانية والسبعين عاماً.

 

تخريج الحديث

أخرجه البخاري في ( كتاب الإيمان, باب علامة المنافق ) حديث (٣٤)، وأخرجه مسلم، حديث (٥٧)، وأخرجه أبو داود في ( كتاب السنة, باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصه ) حديث (٤٦٨٨)، وأخرجه الترمذي في ( كتاب الإيمان, باب ما جاء في علامة المنافق ) حديث (٢٦٣٢).

 

معاني ألفاظ الحديث

  • المنافق : من يظهر الإسلام ويبطن الكفر. ومن يخالف سرُّه علانيتَه، وقولُه فعلَه، ويناقض مدخلُه مخرجَه، فالمنافق مراوغ، ومحتال، ومتقلب، ومتذبذب. ويعتبر المنافقين أشد خطرًا من الكفِّار على المؤمنين، كما أنَّهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، قال تعالى في محكم كتابه: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ﴾[سورة التوبة, آية:٦٧].
  • من كانت فيه خصلة منهن: من كانت فيه صفة من الصفات الأربع الواردة في الحديث. وهي الخيانة والكذب والغدر والفجور عند المخاصمة.
  • الفجور: التمادي في المخاصمة وعدم التسامح.

 

شرح الحديث

النفاق مرض خطير ينخر بنيان المجتمع الإسلامي ويهدم مقوماته، فتسود فيه الفوضى ويكثر التخاذل أمام المسئوليات، وتضيع الهمم ساعة الشدائد. والنفاق هو إظهار الإسلام وإخفاء الكفر، ومظاهره کثيره منها:

  • حب الكفار وموالاتهم.
  • تسريب أسرار المسلمين إلى أعدائهم.
  • إثارة الفتن وغيرها.

وفي هذا الحديث الشريف يحذرنا رسول الله ﷺ من خطورة النفاق، ويبين لنا كل صفة من الصفات الذميمة للنفاق، فذكر لنا أربعاً من تلك الصفات موضحاً أنها إذا اجتمعت في مسلم فإنه يكون منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه صفة من صفات النفاق، هذه الصفات الذميمة هي:

  1. الخيانة : وهي التفريط في كل ما يؤتمن عليه ويطلب حفظه. وقد أمرنا الله بأداء الأمانة، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا﴾ [سورة النساء, آية:٥٨]. والمنافق يخالف أمر الله تعالى ، فإذا ما ائتمن في مال، أو عرض، أو سر، أو وظيفة، أو عبادة فإنه لا يؤدي أمانته، وإن أداها فلا يؤديها على الوجه المشروع، قال تعالى في صلاة المنافقين: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [سورة النساء, آية:١٤٢]. وبذلك أتصف خائن الأمانة بصفة من صفات المنافقين .
  2. الكذب : وهو الإخبار عن الشيء بخلاف الواقع مع العلم به. وقد أمر الله تعالی عباده بالتزام الصدق والابتعاد عن الكذب، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [سورة التوبة, آية:١١٩]. والكذاب يخالف أمر الله تعالى، فهو يمارس الكذب على نفسه وعلى الناس، مما يؤدي إلى إفساد العلاقات بين الناس، وزرع البغضاء فيما بينهم، وبسببه تضيع الحقوق، وتغير الحقائق، فتنعدم الثقة بين المسلمين، ولأجل ذلك يكون الكذاب قد اتصف بإحدى صفات المنافقين .
  3. الغدر : وهو نقض العهد سراً دون إعلان. وهو عمل مذموم ومخالف لأوامر الله تعالى، قال تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ [سورة الإسراء, آية:٣٤]. فالغدر من صفات الجبناء ولا يقوم به إلا كل خسيس محتال. وعلى المسلم أن يفي بكل عهد التزم به، ولا يغدر بمن عاهدهم، ومن أخلف العهد فقد اتصف بإحدى صفات المنافقين .
  4. الفجور عند المخاصمة : والفجور هو العدول عن الحق إلى الظلم، وقد نهى رسول الله ﷺ أن تطول فترة الخصام بين المسلمين فقال : ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ) [أخرجه مسلم, کتاب البر والصلة والآداب]. لكن من صفات المنافق أن يمتلئ قلبه حقداً يؤدي إلى الفجور في المخاصمة فيعمد المخاصم إلى المبالغة في تقديره للأذى الذي لحق به، ولا يتورع عن السب والشتم والضرب، وقد يدعي ما ليس له بحق حتی أنه قد يحلف كذباً، وقد يفعل أي شيء لإشباع غروره ورغبته في الانتقام؛ ويظل على خصامه حتى وإن انتهى موضوع الخلاف، رافضاً التسامح أو الصلح. وتلك إحدى صفات المنافقين .

 

أخـيـــــراً

ينبغي للمؤمن أن يحذر من الوقوع في إحدى هذه الصفات الخبيثة كي لا تكون فيه خصلة من خصال النفاق ، وعليه أن يتوب ويرجع إلى الله تعالی إن مارس خصلة من تلك الخصال. وعليه أن يعلم بأن الله توعد المنافقين أقسى العقوبات، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا﴾ [سورة النساء, آية:١٤٥].

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى