تعليممال واعمال

حقوق وواجبات مزاولي المهن الطبية والصيدلانية

حقوق وواجبات مزاولي المهن الطبية والصيدلانية

بالرغم من أن المشرع اليمني قد نظم في القانون رقم (٢٦) لسنة ۲۰۰۲م بشأن مزاولة المهن الطبية والصيدلانية، حقوق الأطباء وواجباتهم، فإن القصور في التشريعات الصحية أمر وارد، لأن هذا القانون لم يتطرق إلى تعريف الخطأ وأحكامه، وترك ذلك لأحكام القواعد العامة، لذا نتناول في هذا المقال حقوق وواجبات مزاولي المهن الطبية والصيدلانية.

أولاً ــ حقوق مزاولي المهن الطبية والصيدلانية

إن من أهم حقوق الأطباء هو حق مباشرة الأعمال الطبية، حيث تبيح لهم الشريعة الإسلامية والقانون مباشرة أعمال الطب والجراحة وفق شروط محددة وضعها المشرع، وتهدف هذه الشروط في مجملها إلى إتخاذ تلك الأعمال وسيلة لبلوغ الغاية التي أبيحت من أجلها، ولم يشير قانون الجرائم والعقوبات اليمني إلى هذا الأمر صراحه، ولكنه يتضمنه باعتباره صورة من صور استعمال الحق، وكان مشروع القانون الشرعي قد وضع نصاً يبين شروط الإباحة في هذه الحالة فجاء في المادة رقم (۳۲) منه، النص على أن: “لا جريمة إذا وقع الفعل من طبيب خبير مرخص له، وكان قصده شفاء المريض، بشرط رضاء المريض أو وليه، واتباع ما تقضی به أصول الطب، ولا حاجة لرضاء المريض أو ولية إذا كان الفعل ضرورياً إجراؤه في الحال، وكانت ظروف المريض لا تسمح له بالتعبير عن إرادته، وتعذر الحصول فوراً على رضاء ولية”.

وهذا النص يفصح عن شروط أربعة يلزم توافرها لقيام حالة الإباحة هي :

  • أن يكون الفاعل طبيباً مرخصاً له:

وينطوي هذا الشرط على عنصرين أحدهما أن يكون الفاعل طبيباً، وثانيهما هو أن يكون مرخصاً له.

وصفة الطبيب تتوافر إذا كان الشخص يحمل شهادة من جهة معترف بها بأنه طبيب، وذلك كالشهادة التي يحملها المتخرجون في كليات الطب، كما أن صفة الطبيب تتوافر إذا كان الشخص لا يحمل مثل تلك الشهادة ولكنه معروف بمقدرته على ممارسة أعمال الطب، وهذا ينطبق على الأشخاص الذين يقومون بأعمال المداواة دون أن يدرسوا دراسة علمية حديثة وذلك كالختانين والمجبرين والموسمين والمداويين بالأعشاب وأمثالهم، فهؤلاء جميعاً في حكم الأطباء لذيوع شهرتهم ونجاح أعمالهم.

أما الترخيص فهو الإذن الرسمي من السلطة المختصة، وهذا الإذن شرط لازم لكل طبيب، سواء كان طبيباً يحمل شهادة علمية أو طبيباً معروفاً بممارسة الأعمال الطبية عن طريق الخبرة، ويكون هذا الترخيص شهادة لحامله بأنه قادر على أداء المهمة الطبية بكفاءة وقدرة.

والأصل ألا يحصل طبيب على الترخيص إلا بمؤهل دراسي يتخذ معیاراً دالاً بذاته على توافر تلك القدرات والكفاءة، ولا يصح أن يمنح هذا الترخيص لأهل الخبرة. وقد يكون الترخيص عاماً يشمل كل صور الممارسات الطبية، وقد يكون خاصاً ببعضها، والترخيص الخاص لا يبيح من الأعمال إلا ما يندرج تحته، فإن تجاوز الشخص حدود ذلك الترخيص كان فعله الذي وقع به التجاوز محظوراً[1].

  • قصد شفاء المريض:

ويمثل هذا الشرط الجانب المعنوي في شروط الإباحة، وهو شرط ينسجم مع علة الإباحة، إذ أن الشارع أباح الأعمال الطبية لكونها وسيلة إلى غاية نبيلة هي شفاء الأمراض أو تخفيف حدتها فيجب أن يستهدف الطبيب هذه الغاية وأن يسعى لبلوغها، فإن سعى الطبيب إلى غاية أخرى فلا تتوافر حالة الإباحة لانتفاء أحد شروطها، فالطبيب الذي يقصد الربح فقط أو كشف العورات أو شفاء الأضغان والأحقاد التي في نفسه على المريض، فإنه لا يكون في حالة الإباحة[2].

ومعلوم أن الأصل في الطبيب أنه حسن النية، وعلى من يدعي غير ذلك إقامة الدليل على صدق دعواه، فإذا أقام الدليل كان الطبيب مسئولاً جنائياً عن فعله.

  •  رضاء المريض:

الأصل أن الطبيب يباشر عملة إذا دعاه المريض أو من يقوم مقامه شرعاً، ولا يستطيع الطبيب إخضاع الناس ومعالجتهم دون رضاهم فإن أجبرهم فهو مسئول جنائياً حتى ولو حقق لهم بفعله منفعة أو حقق عافية، وقد يكون الرضاء صريحاً وقد يكون ضمنياً، ومن صور الرضاء الضمني دخول المريض غرفة الكشف، ورقوده بين يدي الطبيب ونحو ذلك.

ولا يعتبر الرضاء في الحالتين صحيحاً الا إذا كان المريض عالم بنوع العمل الطبي الذي يقع عليه، وذلك لأن الأعمال الطبية متنوعة وقد يرضى المريض ببعضها دون الآخر، وإذا كان الأصل أن يصدر الرضاء من المريض نفسه إلا أن ذلك قد يكون متعذراً إذا كان المريض في حالة لا تسمح له بالتعبير عن إرادته، وعندئذ يعتد برضاء وليه أو من ينصبه القانون ممثلاً له[3]، بل يصح أن يلغي شروط الرضاء إذا توفرت حالة الضرورة وتعذر صدور الرضاء من المريض أو ممثلة وقت لزم العمل الطبي.

  • إتباع الأصول الطبية:

لكل مهنة أصول وقواعد، ويلزم العاملون بهذه المهنة بمراعاة تلك الأصول والقواعد وإلا اعتبروا مرتكبين خطأ مهنياً، وتقضي أصول مهنة الطب إتباع قواعد الحيطة والحذر واستخدام الأساليب العلمية المتعارف عليها، ولكن لا يعني هذا أن على الطبيب إتباع الرأي الراجح في مسألة خلافية من مسائل الطب، وإنما يكفيه أن يكون فعله متفقاً مع قاعدة معترف بها في الميدان الطبي وإن قل انصارها مادام موقناً بفائدتها[4]، واتباع أصول المهنة هو أشد هذه الشروط جميعاً وأكثرها إثارة للمشاكل[5]، وذلك لأن الطبيب قد يخطئ أو يقصر في إتباع أساليب الحذر فتقع نتائج ضارة، وعندئذ لا بد أن يسأل عنها مسؤولية جنائية، فإذا وقعت تلك النتائج الضارة دون خطأ منه فإنه لا يكون مسئولاً، لأنه لا يلتزم بتحقيق غاية وإنما يلتزم ببذل عنايه فقط.

فإذا توافرت هذه الشروط جميعاً توافرت الحالة الإباحية حتى ولو لم تتحقق النتيجة المرجوة من العمل الطبي، بل حتى ولو ساءت حالة المريض الصحية، لأن الطبيب مطالب ببذل العناية المعهودة ولا يطالب بتحقيق الغايات المقصودة.

والأصل أن الطبيب قد التزم الحدود والشروط المذكورة آنفا، وعلى من يدعي غير ذلك أن يقيم الدليل، ولا يعتبر فشل العلاج قرينة قاطعة على خطأ الطبيب[6].

وقد نص قانون مزاولة المهنة الطبية والصيدلانية اليمني على الحقوق الذي يتمتع بها مزاولي المهنة حيث نص في المادة (۱۲) على الآتي:

  • يتمتع المشمولين بهذا القانون والحاصلون على ترخيص مزاولة المهنة بكامل الحقوق التي تكفلها التشريعات النافذة ولهم على وجه الخصوص ممارسة الحقوق التالية:
  1. مزاولة المهنة كلاً في مجال اختصاصه وفقاً للترخيص الممنوح له من المجلس الطبي.
  2. التنافس الشريف في فرص التدريب والتأهيل.
  3. القيام بإجراء الأبحاث العلمية وفقاً للقواعد المقرة من المجلس.
  4. الحصول على البدلات والتعويض المادي عن الأخطار التي يتعرضون لها نتيجة خدماتهم ومن الجهة التي يعملون بها.
  5. المشاركة في إبداء الرأي والنصح لتطوير الخدمات الطبية والصيدلانية والصحية في مجال تخصصهم وبما لا يسيء إلى الخدمات الصحية والعاملين بها.
  • يمنح العاملون في القطاع الصحي إضافة إلى العلاوات السنوية والبدلات العامة المشمولة بقانون الخدمة المدنية بدل ريف بنسبة (٥٠ ــ ۳۰%) من بداية ربط الفئة للعاملين في المناطق الريفية.
  • أيضاً يمنح الملزمون بأداء الخدمة الريفية من مزاولي المهنة غير الموظفين مكافأة تقدر ب (٥٠ ــ ١٥٠%) من بداية ربط الفئة لأمثاله كل حسب مؤهله.
  • في حالة تعرض أي من مزاوني المهنة أو أحد أقاربه من الدرجة الأولى لمرض تعذر علاجه في الداخل تتحمل الدولة تكاليف علاجه وفقاً للائحة العلاج الطبي في الخارج.

ثانياً ــ واجبات مزاولي المهن الطبية والصيدلانية

  • على ذوي المهن الطبية والصيدلانية أداء خدمة ريفية إلزامية لمدة لا تزيد عن سنتين ولا تقل عن ستة أشهر وتنظم اللجنة التنفيذية آليه أداءها، ويستثنى من ذلك بقرار من الوزير ذوي التخصصات النادرة وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات ومنتسبي القوات المسلحة والأمن.
  • أيضاً على كل من منح ترخيص من ذوات المهنة موافاة المجلس بكتاب يسجل فيه عنوان المنشاة الطبية التي يعمل بها خلال شهر من مباشرته للعمل، وموافاة المجلس كذلك عند تغير مقر عمله السابق خلال شهرين من تاريخ تركة للعمل، وعلى من خالف حكم هذه المادة غرامة مالية مقدارها عشرة ألف ريال.
  • على مزاولي المهن الطبية والصيدلانية التقيد بآداب وسلوك المهنة، ولمن يخالف ذلك غرامة عشرة ألف ريال .
  • على كل طبيب أن يحتفظ في عيادته بسجل يقيد فيه البيانات الخاصة بالمرضى المترددين على عيادته، وتشمل البيانات الاسم والعمر والعنوان وتاريخ الزيارة وتشخيص الحالة والعلاج وأي بيانات أخرى ذات صلة ومن خالف ذلك غرامة مالية لا تزيد عن خمسون ألف ريال.
  • كل المشمولين في قانون مزاولة المهن الطبية والصيدلانية ملزمون في حالة الطوارئ أو الكوارث تلبية الاستدعاء أو النداء دون إبطاء حتى وإن كانوا خارج النوبة أو في إجازتهم، ومن خالف ذلك عوقب بالحبس لمدة لا تزيد عن شهر أو بغرامة مالية لا تزيد عن مائة ألف ريال.

 

المراجع: 

  1. ↑^ د. محمود نجيب حسني, القسم العام, ص١٨٥. د. محمود مصطفی, شرح قانون العقوبات, القسم العام, ص۱۷۸.
  2. ^↑محمد عزمي الباكري, الخطأ الطبي وجريمة إفشاء سر المهنة الطبية, ۲۰۱۷م.
  3. ↑^ عبد الصبور عبد القوي علي مصري, جرائم الأطباء والمسؤولية الجنائية والمدنية عن الأخطاء, ۲۰۱۱م.
  4. ^↑طه عثمان أبوبكر المغربي, المسؤولية الجنائية عن الأخطاء الطبية في مجال التوليد, ٢٠١٤م.
  5. ↑^ محمد عزمي الباكري، الخطأ الطبي وجريمة إفشاء سر المهنة الطبية، مرجع سابق.
  6. ^↑عبدالصبور عبد القوي علي مصري, مرجع سابق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى