حديث فضل طلب العلم مع الشرح
نص حديث فضل طلب العلم
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : (( من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السَّموات ومن في الأرض ، حتى الحيتان في الماء ، وفضل الْعَالِمِ كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ، إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظٍ وافر ))[ أخرجه الترمذي / كتاب العلم ] .
التعريف براوي الحديث
أبو الدرداء : هو عويمر بن مالك الخزرجي الأنصاري . أسلم يوم بدر وشهد أحداً وما بعدها وكان من علماء الصحابة في المدينة ، وعرف بكثرة التفكر في آلاء الله ، تولى قضاء دمشق أيام عثمان رضي الله عنه وتوفي سنة اثنين وثلاثين للهجرة .
معاني ألفاظ الحديث
- من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً : ” أي من سعى في طلب العلم ” .
- سهل الله له به طريقاً إلى الجنة : ” وفقه الله إلى الأعمال التي توصله إلى الجنة ” .
- لتضع أجنحتها : ” تتواضع لطالب العلم تقديراً واحتفاء به ” .
- أخذ بحظٍ وافر : ” حصل على الخير الكثير ” .
شرح حديث فضل طلب العلم
في هذا الحديث الشريف توجيه عظيم وبليغ من حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يحثنا فيه على طلب العلم ، مبيناً فضله ومنزلته ، وديننا الإسلامي دين العلم ، حث عليه ، وأمر بتحصيله ، ورفع من شأن العلماء في آيات وأحاديث كثيرة ، وقد تجسدت مكانة العلم ، وفضله في نزول أول آيات القرآن الكريم على رسولنا محمد ﷺ ، تدعو إلى العلم ، وتحث على طلبه ، والأخذ بأسبابه ، قال تعالى في سورة العلق :
{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [١] خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ [٢] اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ [٣] الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ [٤] عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [٥] } [ سورة العلق : ١ – ٥ ] .
والعلم يشمل ما يتصل بالدين – من فهم للكتاب والسنة ، وما ينتفع به المسلم في دينه ودنياه – كما يشمل ما يتصل بعلوم الحياة التي تحتاجها الأمم في نهضتها الزراعية والصناعية والحربية . . . وغيرها .
ومن سعى في طلب العلم ، واتجه إليه ، وكانت نيته لله سبحانه وتعالى ، فإن الله يوفقه إلى الأعمال الصالحة ، التي توصله إلى الجنة ، والملائكة تفرش له أجنحتها تواضعاً له وتقديراً لفضله ، بل إن من في السموات ومن في الأرض يستغفر له حتى الحيتان في قعر البحار .
وفضل العالم على غيره كبير وعظيم ، شبهه رسولنا الكريم ﷺ ، بمكانة وفضل القمر الذي يضيء الأرض بنوره على غيره من الكواكب . واعتبر رسولنا الكريم العلماء ورثة الأنبياء ، فالأنبياء لم يتركوا الدراهم والدنانير ، وإنما تركوا شريعة الله ومعالم دينه ، وما يقوم به العلماء من التعليم ، والنصح ، والإرشاد للناس هو سير على نهج الأنبياء وهداهم .
وطلب العلم فريضة إيمانية واجبة ، فبه نتعرف على الله تعالى وبه نعرف دين الله وبواسطته نعرف الحلال فنعمل به ، ونعرف الحرام فنتجنبه ، وبه نتفقه في أمور ديننا ودنيانا ، ومن خلاله نستفيد مما أنعم الله به علينا وسخره لنا . فمن يعبد الله عن علم خير ممن يعبد الله على جهل ، قال الله تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } [ سورة فاطر ، آية : ٢٨ ] .أي أن العلماء هم أكثر الناس خشية لله تعالى .
· ما يستفاد من الحديث
١) إخلاص النية لله تعالى في طلب العلم والاستمرار فيه .
٢) السعي في طلب العلم يوصل إلى الجنة .
٣) السعي في تحصيل العلوم النافعة وصولاً إلى تقدم وازدهار أمتنا ومجتمعاتنا .
٤) الإستفادة من العلوم التي نتعلمها .
٥) العلم في الاسلام يجمع بين العلوم الشرعية وعلوم الحياة .
٦) احترام العلماء وتقدير فضلهم والسير على طريقهم .
٧) تذكر الأجر والمثوبة عند استصعاب تحصيل بعض العلوم .
٨) تبليغ العلوم التي يتم تعلمها للآخرين .