ثواب الداعي إلى الخير وإثم الداعي إلى الشر

ثواب الداعي إلى الخير
الدعاة إلى الخير هم مصابيح الدجى وأئمة الهدى ، يدعون الناس إلى الخير بلسان صادق وخلق كريم ، أعمالهم ترجمان لدعوتهم ، فهم الأسوة في القول والعمل ، فيصلحون ما فسد من أخلاق الناس ويقومون ما اعوج في حياة المجتمع ، لذلك فثوابهم عظيم وفضلهم كبير في الدنيا والآخرة ، ومن الثواب الذي يحصل عليه الداعي إلى الخير ما يلي :
- أنهم المفلحون في الدنيا والآخرة ، قال تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [سورة آل عمران, آية: ١٠٤]. فالداعي إلى الخير ينال في الدنيا احترام الناس وتقديرهم ، وفي الآخرة يفوز بثواب الله ورضوانه.
- يستغفر لهم أهل السماء والأرض ، فالدعاة إلى الخير يحبون للناس ما يحبون لأنفسهم من الخير والسعادة ، فيدلونهم إلى أسباب السعادة في الدنيا والآخرة ، لذلك فالله يرحمهم والملائكة تستغفر لهم وأهل السماوات والأرض يدعون لهم بالخير ، قال رسول الله ﷺ : ( إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها والحيتان في البحر يصلون على معلم الناس الخير ) [الترمذي : كتاب العلم عن رسول الله, باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة].
- يضاعف الله له الأجر والمثوبة ، فيكتب له أجر فعله للخير ، ويكتب له من الأجر مثل أجر من اقتدى به وفعل الخير مثله ، ففي الحديث أن أناس من الأعراب أتوا إلى رسول الله ﷺ عليهم الصوف ، فرأى سوء حالهم قد أصابتهم حاجة ، فحث الناس على الصدقة ، فأبطؤا عنه ، فغضب النبي حتى رئي ذلك في وجهه ، فقام رجل من الأنصار وجاء بصرة من ورق ، ثم جاء آخر ، ثم تتابعوا حتى عرف السرور في وجهه ﷺ فقال : (من سن في الإسلام سنة حسنة ، فعمل بها بعده ، كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء ) [مسلم : كتاب العلم, باب من سن سنة حسنة أو سيئة, عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه]. فهذا الصحابي الجليل بادر إلى فعل الخير ، فاقتدى الناس به فكتب الله له مثل أجورهم جميعا.
آثار الدعوة إلى الخير على المجتمع
إذا قام كل مسلم بفعل الخير ودعا من حوله إلى فعله ، فإن ذلك سيؤثر آثارا عظيمة في حياة المجتمع منها :
- لن يمضي وقت كبير حتى يصبح المجتمع كله ممارسا للخير في كل وقت ، وفي كل مناسبة ، ومع كل الناس ، فتظهر بذلك الصورة المشرقة للمجتمع المسلم بدينه والمقتدي بهدي رسوله ﷺ وذلك سبب من أسباب رضوان الله تعالى ونصره وتمكينه.
- تنتشر الفضائل بين الناس ، وتنحسر الرذائل ، ويحاصر الشر ؛ فيتخلص المجتمع من أمراضه ومشكلاته الاجتماعية ، فالعصر الذي نعيشه اليوم كثرت فيه المنكرات والمعاصي والفساد ، فكان لابد أن يتعاون أهل الإيمان على الخير لينتشر ، وعلى الفضيلة لتسود ، وعلى الوقوف أمام إفساد المجتمع وإشاعة الفاحشة فيه ليهزم.
- يعيش المجتمع حياة مليئة بالرحمة والعدل والحب والتعاون والأمن والسعادة ، وخالية من العنف والقسوة والظلم والبغضاء والخوف والقلق. فتزداد وحدة المجتمع وتماسكه.
إثم الداعي إلى الشر والضلال
يوجد بين المسلمين من يكون داعية إلى الشر والضلال ، ترى ذلك وتشاهده في مجتمعاتنا متمثلاً في جماعات أو في أفراد ، جعلوا من أنفسهم دعاة إلى الرذيلة والفساد والمنكر ، كما ورد في الحديث : ( وإن من الناس مغاليق للخير مفاتيح للشر ) ، فهؤلاء إثمهم عظيم وعقوبتهم عند الله كبيرة ، منها :
- الخسران في الدنيا والآخرة
فالذي يعمل المعصية ويدعو إليها يبوء بمقت الناس وسخريتهم ، وينال العقوبة على عمله عند الله تعالى فيخسر دنياه وآخرته ، قال تعالى : ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ مَّا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ۖ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [سورة يونس, آية: ٢٧]. وفي الحديث : ( وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه ).
- مضاعفة السيئات
فالذي يدعو الناس إلى معصية الله ومنها أي عمل يكون فيه ضرر للمجتمع ، فضلا عن إثم فعله لتلك المعصية ، فانه يجد سيئاته يوم القيامة قد كثرت وتضاعفت ، وسبب ذلك انه كان سبباً في غواية غيره وجره إلى المعصية مثله ، فكتب الله عليه من الإثم والسيئات مثل إثم وسيئات من تبعه ، وهذا ما حذر منه النبي ﷺ بقوله : ( ومن دعا إلى ضلالة كان له من الإثم مثل آثام من تبعه) وجاء في حديث أخر : ( ومن سن في الإسلام سنة سيئة ، فعمل بها بعده ، كتب عليه مثل وزر من عمل بها ، ولاينقص من أوزارهم شيء ) [مسلم : كتاب العلم, باب من سن سنة حسنة أو سيئة, عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه].