اهم طرق إثبات الدعوى
على المدعي البينة والمنكر اليمين
لخصت هذه القاعدة أهم طرق إثبات الدعوى وهي : البينة واليمين ، ولأن مجال التقاضي من المجالات التي قد يكون أحد الخصوم فيها أقوى من الآخر في طرح قضيته ، لذلك فالشرع الإسلامي وضع طرقاً معلومة للتأكد من صحة الأقوال والأفعال في ذلك المجال لإثبات الدعوى وإيصال الحقوق إلى أهلها ، ولم يدع قضايا الخصومات بغير ضوابط شرعية تفصل فيها ؛ لأنه حريص على حق الإنسان ، وحريص على إيصال الحقوق إلى مستحقيها دون محاباة أو إجحاف . فمن ادعى على آخر شيئا فعلية أن يثبت صدق دعواه ، وإلا ردع وزجر عن دعواه . وتعرف طرق إثبات الدعوى بأنها الوسائل التي بها تثبت الحقوق أو الجرائم قضائياً وهي متعددة ، وفي هذا المقال تتعرف عزيزي القارئ على أهم طرق إثبات الدعوى وأكثرها استعمالاٌ وهي الإقرار والشهادة واليمين .
اهم طرق إثبات الدعوى الاكثر استعمالا
- أولاً : الإقرار
وهواعتراف الشخص بما ادُّعي عليه ، ويعتبر طريقه من أهم طرق إثبات الدعوى ، فإذا أقر ــ بإرادة حرة ــ من ادُّعي عليه ، فإن إقراره حجة بينه لا يحتاج معها إلى دليل آخر . وقد اعتمد عليه الرسول ﷺ حيث قال :(( أغد يا أنيس إلى هذا فإن هي اعترفت أقم عليها الحد )) [أخرجه البخاري ، في كتاب الحدود ، باب هل يأمر الإمام رجلاً فيضرب الحد غائباً عنه. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ]. والإقرار حجة في الأموال والأعراض والدماء ، ويشترط للعمل بالإقرار ما يأتي :
١) التكليف : فلا يصح الإقرار من الصبي أو المجنون أو السكران ــ حال سكره ــ لأنهم لا يدركون ما يقولون . فقد قال رسول الله ﷺ :(( رُفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يشب وعن المعتوه حتى يعقل )) [أخرجه الترمذي ، كتاب الحدود ، باب من يجب عليه الحد ، من حديث علي رضي الله عنه].
٢) الاختيار : فلا يقبل الإقرار من المكره لقوله ﷺ :(( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )) [أخرجه ابن حبان ، باب فضل الأمة . من حديث ابن عباس رضي الله عنهما]. ولا يصح الإقرار من المحجور عليه لسفه .
٤) أن يكون المقر به مما يمكن القيام به من قبل المقر : فمن أقر بارتكاب فعل لا يكون لمثله القيام به فلا يقبل إقراره ، كمن يقر بأنه الفاعل لجريمة حدثت في مكان يستحيل وجوده فيه ، أو يستحيل عليه ارتكابها ، أو يقر بأنه قتل شخصاً لا يزال على قيد الحياة .
٥) أن يقتصر الإقرار على النفس : فمن ادُّعي عليه أنه ارتكب جريمة ما ، فأقر بارتكابه لها وسَمَّى شريكا له ، فإقراره قاصر عليه ، ويصبح الشريك مدعى عليه .
- ثانياً : الشهادة
الشهادة إخبار الشخص بما رأى أو سمع ، مما يفيد في إثبات أو نفي أمر ما أمام القاضي ، وحكم أدائها واجب . وتعتبر الشهادة من طرق إثبات الدعوى الهامة . فإذا طُلبَتْ من شخص لا يجوز له كتمانها ، ويجب على القاضي القضاء بها متى اكتملت شروطها . والشهادة إما أن تكون مطابقة للواقع ، أو غير مطابقة ، فالمطابقة للواقع هي التي يجب على الشاهد أداؤها وبخاصة إذا تسبب كتمانها إلى ضياع الحقوق ، قال تعالى : ﴿ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ ۚ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [سورة البقرة , آية : ٢٨٣]. وغير المطابقة للواقع وتسمى شهادة الزور وهي : الشهادة الكاذبة التي يهدف صاحبها إلى اقتطاع حق شخص لآخر ، أو إلباس بريء تهمة لم يفعلها ، وهي من الكبائر فقد حذر النبي منها فقال ﷺ : (( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ ثلاثا الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور أو قول الزور . . .)) [أخرجه مسلم ، كتاب الإيمان باب الكبائر وأكبرها ، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه].
ما هي شروط قبول الشهادات ؟
يشترط لقبول الشهادة حتى تثبت بها الدعوى ما يلي :
١) الإسلام : فلا تجوز شهادة الكافر على المسلم إلا في الوصية في السفر إذا لم يوجد غيره .
٢) العدالة : وتسمى في أيامنا ( حسن السيرة والسلوك ) فيغلب في الشاهد الخير على الشر . ولم يعرف عنه اعتياد الكذب قال تعالى : ﴿. . . وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ . . .﴾ [سورة الطلاق , آية : ٢].
٣) التكليف : فلا تقبل شهادة الصبي والمجنون والمعتوه لأنهم لا يعون ما يقولون . ولا تكليف عليهم لأن الشهادة تكليف .
٤) نفي التهمه : فلا تقبل شهادة المتهم بسبب المحبة للمشهود له ، أو العداوة للمشهود عليه ، ولا تقبل شهادة من له مصلحة من المشهود له .
- ثالثاً : اليمين
وهي : قسم بالله أو بأحد أسمائه أو صفاته صادرة من المدعى عليه ، ولا تكون إلا في الأموال وعروض التجارة.
ويمكن تقسيم الأيمان إلى قسمين هما :
القسم الأول : اليمين البارة وهي أن يحلف المدعى عليه صادقاً .
القسم الثاني : اليمين الفاجرة أو اليمين الغموس ، وهي : أن يحلف المدعى عليه كاذباً ليأخذ حق غيره ظلما ، وهي من المحرمات فلا يجوز للمسلم الإقدام عليها لقوله ﷺ : (( الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس )) [أخرجه البخاري, كتاب الإيمان والنذور ، باب اليمين الغموس ، من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما].
ما هي الحالة التي يُقضى فيها باليمين عند إثبات الدعوى ؟
تكون اليمين من المدعى عليه لقوله ﷺ : (( البينة على المدعي واليمين على من أنكر )) [أخرجه الترمذي ، كتاب الأحكام, باب ما جاء في أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما]. ولا يقضى باليمين إلا عند انعدام الإقرار والشهادة ، فإذا ادعى شخص على آخر ديناً أو حقاً ولم يقر المدعى عليه ، ولم يستطع المدعي إحضار البينة ، فإن القاضي يحكم باليمين على المدعى عليه ، فإذا امتنع عن اليمين فإن امتناعه بمثابة الإقرار فيلزمه القاضي بالوفاء بالمدعى به ، فإن رضي المدعى عليه برد اليمين إلى المدعي عادت إليه.