
أسس بناء المجتمع في الحضارة الإسلامية
استمدت أسس بناء المجتمع في الحضارة الإسلامية من روح الإسلامي وشريعته السمحة ( قرآن وسنة). وقد اعتمد بناء المجتمع في الحضارة العربية الإسلامية على أسس كثيرة ،أهمها :
أولا : الأخوة :
وهي الأخوة التي أقرها الله سبحانه وتعالى بين المؤمنين عندما قال :(إنما المؤمنون إخوة فأصلحوابين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) . [الحجرات] والأخوة التي أقرها الرسول بين المسلمين عندما قال : « المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره» وعندما قال 🙁 لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه » وعندما آخى بين المهاجرين والأنصار، وعندما وضع صحيفة المدينة ( دستور المدينة ) الذي نظم به شؤون المجتمع الإسلامي في المدينة المنورة وبذر فيه بذور الأخوة الإسلامية .
إقرأ أيضاً : أسس قيام الحضارة الإسلامية.
ثانيا : المساواة :
قام المجتمع في الحضارة الإسلامية على أساس المساواة وهي المساواة التي لم تفرق بين عربي و أعجمي إلا بالتقوى . وهي المساواة التي تجعل الناس متساوين في خلقه والتكوين تجسيدا لقوله تعالى : (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذگر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير) ،[الحجرات] . وهي المساواة التي تجعل كل الناس متساوين في الحقوق والواجبات تجسيدا لقوله صلى الله عليه وسلم : ( الناس سواسية كأسنان المشط) .
ثالثا : الحرية :
جسد المجتمع في الحضارة الإسلامية – إلى حد ما- رؤية العقيدة الإسلامية في تحرير الإنسان من الرق والعبودية والأثرة والأنانية ، ومن ظلم الطبقات والأجناس والتمييز العنصري والتفريق على أساس اللون أو الحسب أو النسب أو القرابة ، ومن عبودية المال والإنسان والآلهة المصطنعة. وقد كان نداء «الله أكبر » أول نداء لتحرير الإنسان من كل القيود والأغلال والعوائق، وكانت شهادة لا إله إلا الله ، محمد رسول الله، أول إعلان التحرير الإنسان من عبودية الإنسان . وبقوله تعالى : ( لآ إكراه في الدين) » [ البقرة :۲۰۹] ، وجد الإنسان سندا لحريته الدينية واستوعب المجتمع في الحضارة الإسلامية المسلم والمسيحي واليهودي على السواء.
إقرأ أيضاً : الحياة الاقتصادية في الحضارة الإسلامية.
رابعا : التسامح :
كان التسامح أهم الأسس والأخلاقية للمجتمع في الحضارة الإسلامية، ولاغرابة في ذلك فقد ورد ذكر التسامح ومعانيه أكثر من 40 مرة في القرآن الكريم كما ورد ذكر العفو ومعانيه أكثر من 35 مرة في القرآن الكريم . وقد تسامح العرب المسلمون مع الأقوام التي ارتضت العيش في المجتمع العربي الإسلامي وفي حماية الدولة العربية الإسلامية من يهود ونصاری وغیرهم ، وبلغوا درجة عظيمة من التسامح لم تكن متوقعة مع الأقوام التي واجهتهم في البلدان المفتوحة ، ويتسامح العرب مع غير العرب وتسامح المسلمين مع غير المسلمين حافظ المجتمع في الحضارة الإسلامية على تماسكه وتآزره وكأنه كان يطبق المبدأ الشائع ( في وقتنا الحاضر) الذي ينادی به ( وحدة الإطار وديمقراطية الأداء ) کشروط لتقدم أي مجتمع من المجتمعات .
إقرأ أيضاً : الحياة الاجتماعية في الحضارة الإسلامية.
خامسا : التعاون :
كان التعاون أساسا هاما من أسس المجتمع في الحضارة الإسلامية تجسيدا لقول الله تعالی ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) [المائدة:۲۰] . أما تطبيقاته العملية فقد تمثلت في فريضة الزكاة والإنفاق عموما وإمكان فرض ضريبة على الأغنياء ترد حصيلتها على الفقراء ، فضلا عن وجوه الخير والبر کالوصايا الخيرية في حدود ثلث التركة والأوقاف الخيرية وكافة أوجه الإنفاق على المصالح والخدمات العامة .
سادسا : العدل :
كان للعدل مجالاته المتعددة في المجتمع العربي الإسلامي منها عدل الإنسان مع أسرته ( أهله وأولاده ) وعدله في علاقاته بالآخرين ، والعدل في القضاء ، والعدل في نظام الحكم ( العدل أساس الحكم) . وقد ارتبط ازدهار المجتمع في الحضارة الإسلامية بالعدل وارتبط انحطاطه بالظلم وذلك لأن العدل أساس السلام فيه والظلم أساس الحرب فيه. وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالعدل في أكثر من موضع في القرآن الكريم بقوله تعالى : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) [النحل:۹۰] ، (وإذا حكمتم بين ألناس ان تحكموا بالعدل) (النساء:٥٨)، (وأمرت لأعدل بينكم) [ الشورى:۱۰].
سابعا : التعايش :
شكل المجتمع في الحضارة العربية الإسلامية إطارا للتعايش بين مختلف الشعوب والأقوام من مسلمين ويهود ونصاری ، فقد تعايش فيه العرب مع غير العرب وتعايش فيه المسلمون مع غير المسلمين وكان التعايش بين مختلف مكونات المجتمع أساسا للسلم الاجتماعي في الحضارة الإسلامية. وقد وردت في القرآن الكريم عشرات الآيات التي تأمر باتباع طريق السلم والتعايش وتنهى عن اللجوء إلى استخدام القوة في حل النزاعات لأن في ذلك اتباع الخطوات الشيطان الذي هو عدو الإنسان ، ومن هذه الآيات : قوله تعالی :(يأيها الذين ءامنوا ادخلوا في السلم كافه ولاتتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) [البقرة ] . وقوله تعالى : ( وإن جنحوا للسلم فأجنح لا وتوكل على الله } [الأنفال : 61].