تاريختعليم

النظام القضائي في الحضارة الإسلامية

النظام القضائي في الإسلام
النظام القضائي الإسلامي

النظام القضائي في الحضارة الإسلامية

في مقالنا هذا سوف نتحدث عن النظام القضائي في الحضارة الإسلامية، حيث يعتبر النظام القضائي الإسلامي من أروع النظم المكتوبة والمدونة في القضاء.

أولا – نشأة وتطور النظام القضائي :

نشأ النظام القضائي في الحضارة الإسلامية كجهاز يقوم بالفصل بين الناس في خصوماتهم وفقا لكتاب الله وسنه رسوله وذلك لإقرار العدل بين الناس .

وقد تولى الرسول عليه الصلاة والسلام القضاء بنفسه ، وعندما توسعت الدولة الإسلامية بعث الرسول صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل للقضاء في اليمن ، مما يدل على أولوية القضاء في الحضارة الإسلامية، كما أسند الخليفة أبو بكر القضاء إلى عمر بن الخطاب، وعندما تولى عمر الخلافة حدثت القفزة الكبرى في تطور القضاء ، حيث قام بتعيين قضاة لمختلف الولايات، وجعلهم مستقلين عن الولاة متحررين من تأثيرهم، وطلب منهم العمل بكتاب الله وسنة رسوله، ووضع لهم دستورا عمليا يسترشدون به عند ممارسة أعمالهم.

تجسد هذا الدستور في الرسالة التي بعث بها إلى أبي موسى الأشعري ( عندما ولاه القضاء) التي تدلل على سبق الحضاره الإسلامية في التأكيد على مبدأ استقلال القضاء، والفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وصفات القاضي ومحاذير القضاء منذ وقت مبكر في التاريخ. وقد استمر تطور القضاء مع اتساع الدولة في العصر الأموي والعصر العباسي، حيث ظهر منصب قاضي القضاة ومنصب قاضي المظالم، ومن أهدافهما الإشراف على القضاة ومراقبتهم ومحاسبتهم على أعمالهم.

ثانيا : أهمية النظام القضائي :

يعتبر القضاء العادل شرطة رئيسية من شروط استقامة أحوال المجتمعات، فهو ضرورة اجتماعية تمليها حاجة المجتمعات الإنسانية في كل العصور، فبدونه لا يمكن أن يتقدم عمران أو تزدهر حضارة. كما أن القضاء فرض من فروض الكفايات وأهمها، ويذهب بعض أئمة الإسلام إلى تفضيله على الجهاد ويعتبره فرض عينيا. وقد بلغ النظام القضائي في الحضارة الإسلامية مكانة رفيعة إلى الحد الذي لا يستطيع الخليفة رفض تنفيذ حكم أصدره قاض من القضاه.

ثالثا: أهداف النظام القضائي :

لكل نظام قضائي أهدافه وأغراضه التي قام من أجلها، ومن أهم أهداف النظام القضائي في الحضارة الإسلامية ما يلي :

  1. إعادة الحقوق إلى أصحابها.
  2. الضرب على أيدي الفساد والفتنة .
  3. معاقبه الظلمه.
  4. تخليص المجتمع من شرورهم ومفاسدهم.
  5. تحقيق العدالة في كل شيء بين الناس .
  6. إشاعة الأمن والاستقرار والطمأنينة.
  7. تمكين الناس من التفرغ لإقامة ما يصلحهم دین ودنیا .
  8. تحقيق الإنصاف بينهم بالحق فيما شجر بينهم.

رابعا : خصائص النظام القضائي :

تميز النظام القضائي في الحضارة الإسلامية بخصائص ميزته عن غيره وجعلته وفقا لظروف الزمان والمكان والبشر سابقا لكثير من النظم القضائية الحديثة في بعض المفاهيم والممارسات. ومن أهم هذه الخصائص نذكر ما يلي :

  1. تأكيده على الوظيفة الدينية : فهو يستمد مشروعيته من الكتاب والسنة والإجماع والعرف والعقل.
  2. استقلاله عن بقية السلطات : فهو بذلك قد سبق النظم القضائية الحديثة التي تحاول الحصول على استقلالها عن السلطات التشريعية والبرلمان في وقتنا الحاضر» والسلطات التنفيذية والحكومات في وقتنا الحاضر» .
  3. إعلاءه من مكانة القاضي : فقد تميز القاضي بمكانة رفيعة ومحترمة سواء من حيث استقلاله في أحكامه أو حصوله على المرتب الكافي الذي يحرره من ذل الحاجة، أو معاقبة كل من يخل بهيبته أو احترامه كقاض .
  4. تحديده لصفات القاضي : مثل قوة عقيدته وإيمانه وإلمامه واطلاعه الواسع بالفقه والشريعة، وبعقله وعدالته، وبسلامة حواسه سمع وبصرة ونطقة، وبحريته لأن العبد لا يملك الولاية على نفسه فمن باب أولى أنه لا يملكها على غيره . كما كان القاضي يخضع للاختبار قبل توليه القضاء .
  5. تحديده للشبهات التي يتجنبها القاضي : مثل : قبول الهدية، وتمييز أحد المتخاصمين، ومعارضة الشاهد بالشهادة أو الصراخ في وجهه ونهره، وغير ذلك من الشبهات .
  6. تحديده للمواضع التي يمتنع فيها القاضي عن ا القضاء : حيث يمتنع أن يقضي لنفسه أو أحد أقربائه، أو خادمه أو موكله أو صديقه أو عدوه، أو في حالة عدم توافر الأدلة أو وسائل الإثبات الشرعية، أو في حالة عدم تمكنه من سماع الطرف الآخر، أو عند الغضب، وغير ذلك من المواضع التي لا مجال لحصرها .
  7. احترامه لمكانة الوكالة والمحاماة : وتعني المرافعة أمام القضاء كالمحاماه في وقتنا الحاضر. والمحاماة جائزة في كل القضايا بل واجبة في الخطير منها. وقد استدل العلماء على جواز التوكيل بالخصومة بحوادث وقعت للصحابة رضوان الله عليهم في توكيلهم لغيرهم، ومن هذه الحوادث أن علي رضوان الله عليه وگل عقيلا عنه في قضية نظرها الخليفة أبو بكر الصديق رضوان الله عليه.
  8. تحديده لأصول وقواعد ووسائل الإثبات للحق : حيث لا يقوم حکم القاضي إلا على ظواهر البينات وعلى الأدلة القطعية، ولكل حق أدلته وبيناته التي لا يثبت إلا بها، وغير ذلك من القواعد والأصول التي لا مجال لحصرها .
  9. تحديده لشروط صحة أحكام القاضي: وأهم هذه الشروط : أن تكون احكاما مستمدة من الكتاب والسنة، وأن لا تصدر الأحكام إلا بعد التثبت والبحث الدقيق، وأن لا تعير أحكام القاضي الصفة الشرعية للأشياء فلا تحل حراما ولا تحرم حلالا، وأن لا يصدر القاضي أحكامه إلا بعد المشورة، وأن تقترن أحكام القاضي بالتنفيذ المعجل، وغير ذلك .
  10. إشرافه على القضاة ومحاسبتهم : ويتم ذلك عن طریق قاضي القضاة الذي يشبه منصب وزير العدل في وقتنا الحاضر، ومنصب قضاء المظالم الذي كان لقاضي هذا المنصب سلطة قضائية أعلى من سلطة القضاة والمحتسبين، وقد كان قضاء المظالم يشبه محاكم الاستئناف والنقض في الوقت الحاضر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى