تاريختعليم

مراكز الحضارة الإسلامية في اليمن

مراكز الحضارة الإسلامية في اليمن، لم يقتصر دور اليمنيين على خروجهم طوعاً واختياراً، للمشاركة في الفتوحات الإسلامية، وتفانيهم في إقامة الدولة العربية وتوسيع حدودها الجغرافية، وإسهامهم في بناء الحضارة العربية الإسلامية في اليمن . ونشر الإسلام في الجزيرة العربية وآسيا وأفريقيا وأوروبا، بل قاموا ببناء مراكز ومدن زاهرة للحضارة الإسلامية في اليمن.

فما أهم مراكز الحضارة الإسلامية التي ازدهرت في اليمن؟

أولاً ــ مراكز الحضارة الإسلامية صنعاء

كانت صنعاء مركزاً هاماً من مراكز الحضارة الإسلامية في اليمن، وخصوصا في العهد النبوي، وعهد الخلفاء الراشدين، وعهدي الدولة اليعفرية والدولة الحاتمية . وعرفت صنعاء بمسكوكاتها الفضية، والذهبية، وصناعة النقود والعملات، والخناجر. كما اشتهرت بفنها المعماري الأصيل، ومبانيها الشامخة، وأسوارها المرتفعة، وبواباتها الرئيسية الجميلة، وبساتينها الفيحاء، وينابيعها العديدة، ونافوراتها البديعة، وجوامعها العامرة . ومن معالمها التي لا زالت قائمة حتى اليوم الجامع الكبير الذي أسسه الصحابي الجليل معاذ بن جبل، بأمر من رسول الله ؛ حيث يعد هذا الجامع ومكتبته الضخمة التي تطورت بمرور الزمن مركزا هاما لحفظ التراث العربي الإسلامي والتراث الفكري اليمني .ومن أشهر المدارس الإسلامية فيها مدرسة الإمام شرف الدين، ومدرسة مصطفى باشا، والمدرسة العادلية ، والمدرسة البكيرية، والمدرسة العلمية.

ثانياً ــ زبيد

كانت مدينة زبيد مركزا مزدهرا من مراكز الحضارة الإسلامية في اليمن، وخصوصا في عهد الدولة الزيادية والدولة النجاحية اللتان اتخذتا من زبيد عاصمة لهما، وقد مكنها موقعها على ساحل البحر الأحمر أن تكون بوابة حضارية لليمن على البحر، ومكنها من القيام بدور هام في تطوير العلاقات الدينية والتجارية والسياسية بين اليمن وكل من السودان والحبشة. وقد أطلق على زبید اسم (مدينة العلم والعلماء ) لاحتضانها (۲۳٥) جامعا ومدرسة، وكانت جامعةأول جامعة إسلامية في اليمن ؛ حيث كان يقصدها العلماء وطلاب العلم من اليمن، والجزيرة العربية، والسودان، والحبشة. وقداشتهرت زبید کمركز تجاري وبصناعة المنسوجات والأدوات الفخارية.

ثالثاً ــ صعده

كانت صعدة مركزا مزدهرا من مراكز الحضارة الإسلامية في اليمن وخصوصا في عهد تأسيس الدولة الزيدية فيها على يد الإمام الهادي (يحيى بن الحسين ) الذي اتخذ منها عاصمة لدولته. وتعتبر مدينة صعدة من المدن التاريخية الإسلامية الهامة في اليمن؛ حيث تتميز بمظاهرها الأثرية الجميلة وطابعها المعماري الفريد وسورها التاريخي الطويل. وقد بني فيها نحو ستة عشر جامعة، ومدرسة تمثل أنموذجا رائعا نفن العمارة الإسلامية في اليمن. ومن أهم معالمها وأجملها جامع الإمام الهادي ومدرسته العلمية ومكتبته العامرة بالمخطوطات ومنازل وأربطة طلاب العلم الذين كانوا يفدون إلى صعدة للتفقه في الدين والعلم من داخل اليمن وخارجها. وقد اشتهرت صعدة – بجانب وظائفها العلمية والدينية والسياسية – ببعض الأعمال الحرفية؛حيث عرفت بالصناعات الحديدية والجلدية، بالإضافة إلى أنها كانت محطة تجارية هامة بين صنعاء وذمار من جهة ومكة والمدينة المنورة من جهة ثانية.

رابعاً ــ إب

كانت إب مرکزا مزدهرا من مراكز الحضارة الإسلامية في اليمن وخصوصا في عهد الدولة الصليحية، حيث شهدت إب إزدهار الحواضر الآتية:

  • مدينة إب : وقد أقيم فيها رابع مسجد ومدرسة في اليمن وهو جامع إب الكبير السيدة أروى في جبلة ومدرسته العلمية ويعرف اليوم باسم (الجامع العمري ) نسبة إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب، كما أقيم فيها (۱۳) مدرسة إسلامية .
  • مدينة جبلة : وقد اتخذت منها الدولة الصليحية عاصمة لها وبنت فيها (۳۲) جامعا ومدرسة وعددا من العقود والجسور الجميلة .كما كان لجبلة في عهد الدولة الصليحية دور هام في تطوير العلاقات الدينية والتجارية والسياسية بين اليمن ومصر في عهد الخلافة الفاطمية ،وبين اليمن و كل من الهند وباكستان وبلدان جنوب شرق آسیا .

خامساً ــ عدن

كانت عدن مركزا مزدهرا من مراكز الحضارة الإسلامية في اليمن وخصوصا في عهد الدولة الزريعية التي اتخذت من عدن عاصمة لها . وتعتبر عدن بمثابة مرکز تجاري هام، ومحطة برية وبحرية رئيسية لتجار العالم الإسلامي الذين كانوا يجوبون ببضائعهم شرق العالم وغربه بقوافلهم وسفنهم، وتعد برج مراقبة شرف ويتحكم بأهم مضيق تجاري بحري بين الشرق والغرب وهو مضيق باب المندب، مما جعلها جسر حضارية ساعد التجار والدعاة اليمنيين على أداء أدوارهم في نشر الإسلام في شرق أفريقيا وجنوب شرق آسيا. ومن أهم المعالم الحضارية الإسلامية في عدن : جامع ومدرسة الهاشمي، وجامع ومدرسة العيدروس نسبة إلى عالم من علماء اليمن ودعاتها الذين حملوا راية الإسلام إلى ماليزيا وأندونيسيا، ومن المدارس الإسلامية: المدرسة المنصورية، والمدرسة الظاهرية، والمدرسة الياقوتية، والمدرسة السفيانية، ومدرسة المطهر بن شرف الدين .

سادساً ــ تعز

كانت تعز مركزا مزدهر من مراكز الحضارة الإسلامية في اليمن وخصوصا في عهد الدولة الأيوبية والدولة الرسولية، وقد قامت تعز بدورها كحاضرة إسلامية في توطيد العلاقات الدينية والتجارية والسياسية بين اليمن والهند وباكستان و شرق أفريقيا في عهد الحكم الأيوبي والدولة الرسولية. ومن معالمها الشهيرة قلعتها التاريخية (القاهرة ) وجامع ومدرسة الأشرفية وجامع ومدرسة المظفر، وجامع الجند الذي يعد أول جامع بناه الصحابي الجليل معاذ بن جبل في اليمن الحضارة العربية الإسلامية وقد عرفت تعز بكثرة المكتبات وأشهرها مكتبة السلطان المؤيد الرسولي، وكثرة المدارس الإسلامية التي زاد عددها على أربعين مدرسة إسلامية .

سابعاً ــ البيضاء

كانت البيضاء مركزا مزدهرة من مراكز الحضارة الإسلامية في اليمن وخصوصا في عهد الدولة الطاهرية التي اتخذت من البيضاء مقرا لها، وحكمت من عاصمتها وحاضرتها الأولى ( مدينة المقرانة ). وقد اشتهرت البيضاء في عهد الدولة الطاهرية بحواضر زاهرة مثل :

  • المقرانه : وهي عاصمة الدولة الطاهرية وحاضرتها الأولى وحاضنة العديد المدارس الإسلامية الشهيرة كالمدرسة المنصورية ومدرسة الشيخ عبدالملك الطاهري .
  • رداع : وهي الحاضرة الثانية للدولة الطاهرية، ومن أهم معالمها قلعة رداع. وقد اشتهرت بمدرسة أخرى للشيخ عبد الملك الطاهري، ومدرسة وجامع العامرية، والمدرسة البغدادية .
  • جبن : وهي الحاضرة الثالثة للدولة الطاهرية وقد اشتهرت بالمدارس الإسلامية مثل المدرسة المجاهدية، والمدرسة المنصورية .ونظرا لازدهار حواضر و مدارس وجوامع وأسواق البيضاء، فقد قصدها علماء وطلاب العلم والتجار من داخل اليمن وخارجها.

ثامناً ــ ذمار 

كانت ذمار مركزا مزدهرا من مراكز الحضارة الإسلامية في اليمن، وقد اشتهرت ذمار بحواضر زاهرة مثل :

  • ذمار : وتعد مرکز من مراكز العلم والفقه والتنظير والاجتهاد التي اشتهرت بها اليمن منذالقرن العاشر إلى القرن الثالث عشر الهجري على مستوى العالم الإسلامي. وقد اشتهرت مدينة ذمار بجامعها الكبير الذي بني في عهد الخليفة أبي بكر الصديق ، وقد عرف هذا الجامع بمنبره البديع الذي يعتبر من أقدم المنابر في شبه الجزيرة العربية .
  • ضوران آنس: ومن أهم معالمها جامع ومدرسة الحسن بن القاسم. وقد احتضنت ذمار العديد من المدارس الإسلامية الشهيرة وهجر العلم المزدهرة مثل : المدرسة الشمسية، ومدرسة الجامع الكبير، وهجر آنس و ضوران . كما كان لذمار دورها التجاري كمحطة متوسطة جغرافية بين إب وتعز من جهة وصنعاء والبيضاء من جهة ثانية. كما عرفت على مستوى العالم الإسلامي بتربية الخيول العربية الأصيلة .
  • تريم : كانت تريم حضرموت مركزا مزدهرة من مراكز الحضارة الإسلامية في اليمن وخصوصا في الفترة بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر الميلادي . حيث كانت مقرا للعديد من علماء الإسلام الذين أعطوها عمقها الحضاري والعلمي والتاريخي. وقد تميزت تريم بمساجدها ومآذنها ذات المعمار الفريد ومنها مئذنة مسجد المحضار، وقصورها وقبابها وحدائقها وبساتينها ومدارسها وكتاتيبها، مما جعلها بوابة حضارية لليمن نحو بلدان الخليج العربي والمحيط الهندي. ومن تريم حمل التجار والدعاة والعلماء اليمنيون الإسلام إلى بلدان المشرق کالهند وسنغافورة وأندونيسيا والملايو. وبالقرب من تريم توجد مدينة شبام حضرموت التي عرفت أول ناطحات سحاب في التاريخ، وهي معقل آخر من معاقل علماء الإسلام الذين تزخر  مكتبة الأحقافي الشهيرة بمؤلفاتهم الدينية والعلمية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى