الدينالفقة الاسلامي

شروط التوبة الصحيحة في الإسلام

ما هي شروط صحة التوبة في الإسلام
شروط التوبة في الإسلام

شروط التوبة الصحيحة في الإسلام ، إن التوبة مدلولها عظيم لا كما يظن الكثير أنها ألفاظ باللسان مع الاستمرار في الذنب، و تأمل قول الله تعالى: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ…﴾ [سورة هود, آية: ٣]. تجد أن التوبة أمراً زائداً على الاستغفار ، لذلك ذكر العلماء للتوبة شروطاً حتى تكون صادقة يرجى لها القبول ، وهي :

الإقلاع عن الذنب فوراً

ويعتبر هذا من أهم شروط التوبة الصحيحة ، لأنه لا توبة مع مباشرة الذنب أو الاستمرار فيه. مع ذلك، لكي تكون التوبة صادقة لا بد أن يتوقف الإنسان عن ارتكاب المعصية ، ويجب أن يكون ترك الذنب والإقلاع عنه من أجل الله وحده لا لشيء آخر ، وأن يكون المقصود من التوبة تقوى الله تعالى والخوف منه وخشيته ورجاء مثوبته ، وهذه هي التوبة النصوح التي أمر الله بها بقوله : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا﴾ [سورة التحريم, آية: ٨].

وبعض الناس إذا كثرت ذنوبه ، وسوس له الشيطان بأن الله لن يقبل توبته ، وزرع في نفسه اليأس من رحمة الله ، ليدفعه إلى المزيد من المعاصي وترك التوبة. وقد بين لنا الله تعالى في كتابه أنه مهما كثرت الذنوب فإن رحمته واسعة ، وبابه مفتوح للتائبين، قال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾[سورة الزمر, آية: ٥٣]. 

ومن علامات شروط التوبة الصحيحة في الإسلام أن يكون التائب على عكس ما كان عليه قبل التوبة ، فيلتزم بالإعمال الصالحة المقابلة للسيئة التي ارتكبها ، وان يكثر من الأعمال الصالحة لتمحو ما ارتكبه من سيئات، قال تعالى: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [سورة الفرقان, آية: ٧٠].

الندم على فعل المعصية

وهو الشعور بشدة الأسف والتحسر لارتكاب المعصية ، وهذا الشرط لا تتحقق التوبة إلا به ، فالذي لا يندم على ارتكابه للمعصية فإن ذلك دليل على رضاه بها وإصراره عليها. والرسول ﷺ يبين أهمية هذا الشرط فيقول : (الندم توبة) ، والمؤمن ينظر إلى عظمة الله وإلى شدة الجزاء الذي توعد به الله من عصاه ، فيعتصره الأسف والخوف الشديد لما فرط في حق الله تعالى في ما مضى من عمره .

العزم على ألا يعود إلى الذنب

والعزم هو الإرادة القوية على عدم العودة إلى الذنب في المستقبل ، فان ضعف ووقع في الذنب مرة أخرى فيجب عليه المبادرة بالتوبة منه ، ولكن ذلك دليل على ضعف الإرادة ، ولتقويتها يمكن الاستعانة بما يلي :

  • كثرة الدعاء إلى الله أن يخرج من قلبه التعلق بالمعصية ، وان يمنحه القدرة على تركها واستبدالها بالطاعات.
  •  إدامة التلاوة لكتاب الله والتدبر فيما أعده الله من جزاء في الآخرة لمن أطاعه ، وما أعده من عقاب لمن عصاه ، فان ذلك يقوي الإيمان بالله والخشية منه.
  • قطع الأسباب التي تؤدي إلى المعاصي ، فيجب مفارقة المكان والأشخاص الذين يذكرون بالمعصية ، ومن ذلك رفقاء السوء فإنهم يزينون المعصية ، ويدفعون إلى التسويف في التوبة ، بحجة أننا لا زلنا شباباً فإذا كبرنا وشخنا تبنا وعملنا الصالحات ، ولذلك حذر الله من الأصدقاء الذين لا يكونون عوناً على ذكر الله وطاعته ، قال تعالى: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ [سورة الزخرف, آية: ٦٧].

إرجاع الحقوق إلى أصحابها

فالذنوب والمعاصي التي قد يقع فيها المسلم نوعان : 

  1. ماهو متعلق بحق الله ، كالتقصير في الصلاة مثلاً ، أو الوقوع في المحرمات كالكذب مثلاً ، والتوبة من ذلك تكون بتحقيق الشروط الثلاثة المذكورة سابقاً.
  2. ما يتصل بحقوق إنسان آخر ، كالغيبة والنميمة ، أو أخذ ماله بدون حق ، أو إلحاق الضرر به بأي شكل من الأشكال. والتوبة من هذا النوع من المعاصي تكون بتحقيق الشروط الثلاثة ، مع إضافة شرط رابع هو : إرجاع الحقوق إلى أصحابها إن كان ممكنا أو الاعتذار إليهم وطلب مسامحتهم ، والإحسان إليهم ، وإزالة الضرر الذي لحق بهم.

وإرجاع حقوق الآخرين في غاية الأهمية ؛ فإن لم يبرأ منها الإنسان اليوم ففي يوم القيامة لا يستطيع أن يرد تلك الحقوق ، إلا بأن يعطي من حسناته أو يتحمل من سيئات من أساء إليهم ، ويكون ذلك سببا في دخول النار والعياذ بالله ، وهو ما حذرنا منه الرسول ﷺ بقوله لأصحابه : ( أتدرون ما المفلس ؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، فقال : إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام و زكاة ، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا ، فيعطي هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت قبل أن يقضى ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طرح في النار ) [ رواه مسلم, كتاب البر والصلة, باب تحريم الظلم, عن أبي هريرة رضي الله عنه].

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى