قصة سيدنا سليمان مع بلقيس
قصة سيدنا سليمان مع بلقيس كان سليمان عليه السلام تصطف حوله الجن والملائكة إذا جلس، وجاءت جميع الطيور ماعدا الهدهد، الذي كانت وظيفته البحث عن الماء، وذات مرة تخلف الهدهد وغاب عن صفه، فغضب سليمان كثيراً وقال : إن لم يأتي بعذر واضح لأعذبنه، أو لأذبحنه لأنه تخلف عن وظيفته. وتبدأ قصة بلقيس ملكة سبأ مع سيدنا سليمان عليه السلام، عندما بعث الهدهد من بلاد الشام إلى بلاد اليمن، من أجل مهمة كبيرة، وهي البحث عن الماء، ولما ذهب الهدهد في تلك الرحلة العظيمة وصل إلى مملكة سبأ، وشاهد عرش بلقيس بما عليه من غني وطرف، فلاحظ الهدهد أن أهل مملكة سبأ يعبدون الشمس، ويقدمون القرابين لها. فعاد الهدهد إلى سيدنا سليمان عليه السلام مسرعاً وأخبره بما رآه حيث ورد هذا في قوله تعالى “فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ”، فأرسل سليمان عليه السلام، إليها لكي تأتي، وتخضع لحكمه، وتؤمن بالله الواحد. ذهب الهدهد إلى بلقيس ملكة سبأ، بكتاب سليمان عليه السلام، وألقاه على بلقيس، ومن حكمتها، ورجاحة عقلها استفتت الوزراء وأخبرتهم بأمر الكتاب، وشاورتهم، وذكر ذلك في سورة النمل فقال تعالى (قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) وظهرت حكمتها في اختيارها التودد، بالرغم أن الوزراء أشاروا عليها الحرب، ولكن سليمان عليه السلام غضب كثيراً من رد فعلها، وتصرفها لأن غايته لم تكن في المال أو فى الملك، بل بدعوتها إلى الإسلام والإيمان بالله، فرد هديتها، وأخبر رسولها بالغزو؛ إذا لم تأتيه بلقيس وجميع أهل مملكة سبأ مسلمين. علمت بلقيس بما قاله سليمان مع رسولها، وأدركت مدى قوة سليمان عليه السلام، فجمعت جنودها متجهة إلى مملكة سليمان، فأوحى الله تعالى لسليمان بأن بلقيس في طريقها إليه، وأراد سليمان أن يثبت نبوته إليها وإلى قومها، فجمع الجن والإنس، وقال لهم: من يأتيني بعرش بلقيس قبل وصولها هي إلى مملكة سليمان، فأجاب أحد من الحاضرين؛ بأنه سيأتي به قبل أن يرتد إليه طرفه، وأحضره بالفعل كاملاً دون أي نقصان به. وحين وصول بلقيس وجنوده، تفاجأت هي وجنودها بوجود العرش لدى سليمان، ولكن كان سليمان عليه السلام، غير في بعض ملامح العرش ليرى مدى ذكاء بلقيس وقوة انتباهها، فقد جعله سليمان فوق الزجاج، وتحته ماء، وحين رأت بلقيس العرش صعدت إليه، وشمرت ساقيها، اعتقاداً أن العرش على سطح الماء، فسألها سليمان عليه السلام: أعرشك هذا؟ قالت كأنه هو فقال تعالى (قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ * وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ * قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، فأسلمت بلقيس، وكان هذا سبب في إسلامها، وإيمانها بالله، حيث تمتعت بالذكاء والفطنة.