حكم الوصية واركانها وشروطها ومبطلاتها
لما كان أجل الإنسان مجهولاً زمناً ومكاناً وسبباً ، وقد تلزمه حقوق وواجبات ، وبموته قد تضيع تلك الحقوق والواجبات ، فعليه الاستعداد للموت ، وانتظار قرب الأجل والتفكير في الدار الآخرة والتزود لها وأداء حقوق العباد ، فإذا فاجأه الموت كان قد أدى ما عليه من حقوق نحو الآخرين ، وتقرب إلى مولاه بأعمال تنفعه بعد موته ؛ من أجل ذلك شرع الله الوصية.
معنى الوصية
هو تصرف أو تمليك من شخص لآخر مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع.
حكم الوصية
يدور حكم الوصية بين الأحكام الشرعية الأربعة الآتية :
١) الوصية الواجبة : وتكون في حالة وجود دينٍ على الموصي أو وديعة عنده يخشى أن تضيع إذا لم يوصى بها ، لحديث : (( ما حق امرئ ٍ مسلم ٍ ، له شيء ٌ يوصي فيه ، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبةٌ عنده)) [أخرجه البخاري في كتاب الوصايا ، باب الوصايا(وصية الرجل مكتوبة عنده) ، من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما]. وكذا الواجبات التي تجب عليه كالزكاة ، والحج والكفارات وغيرها .
٢) الوصية المستحبة : وتكون في القُرُبَات وللأقرباء الفقراء ، والصالحين من الناس ، لحديث :(( إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم ، زيادة لكم في أعمالكم )) [أخرجه ابن ماجة ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه]. والمقصود بها الوصية.
٣) الوصية المحرمة : وتكون في حالة الوصية بمعصية ، أو بقصد الإضرار بالورثة ، قال تعالى : { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ۚ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ } [سورة النساء , آية : ١٢]. وجاء في الحديث :((إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة ، ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار )) [أخرجه أبو داود في كتاب الوصايا ، باب ما جاء في كراهية الاضرار في الوصية ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].
٤) الوصية المكروهة : وتكون في حالة أن الموصي قليل المال وورثته يحتاجون إلى هذا المال ، لحديث : (( إنك إن تدع ورثتك أغنياء ، خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم )) [أخرجه البخاري في كتاب الوصايا ، باب أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس ، من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه]. كما يكره أن تكون الوصية لأهل الفسق والمعاصي حتى لا يستعينون بها على فعل شرورهم .
اركان الوصية وشروطها
للوصية أربعة أركان هي :
الموصي : وهو صاحب الحق أو المتبرع ؛ ويشترط فيه :
١ ـ أن يكون أهلا للتبرع ، وتتمثل الأهلية بالعقل والبلوغ والاختيار.
٢ ـ أن لا يكون مديناً بدينٍ يستغرق ماله كله.
الموصى له : وهو المستحق للوصية بعد موت الموصي ، ويشترط في حقه الآتي :
١ ـ أن لا يكون وارثاً للموصي بعد الموت ، لحديث : (( إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث…..)) [أخرجه البخاري في كتاب الوصايا ، باب ما جاء لا وصية لوارث ، من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه].
٢ ـ أن يكون موجوداً وقت الوصيةحقيقة أو حكما كأن يكون جنيناً في بطن أمه أو غائباً يمكن عودته.
الإيجاب والقبول : ويكون الإيجاب باللفظ مثل : أوصيت لفلان بسيارتي بعد موتي ، أو ملكته سيارتي بعد موتي ، وتنعقد بالإشارة المفهمة متى كان الموصي عاجزاً عن النطق ، كما تنعقد الوصية بالكتابة ، ويكون القبول في حالة الوصية لشخص ، فإذا رفضها عادت إلى ملك ورثة الموصي ، أما إذا كانت الوصية في مشروع خيري كبناء مسجد ، أو مدرسة فإنها لا تحتاج إلى القبول.
الموصى به : وهي الأشياء التي تكون قابلة للتمليك ويشترط فيه الآتي :
١ ـ أن يكون مملوكا للموصي ويكون بيده القدرة على التصرف فيه.
٢ ـ أن لا يكون مالاً حراماً.
٣ ـ أن يكون معلوماً .
٤ـ أن يكون في حدود ثلث التركة إذا كان للموصي ورثة.
بطلان الوصية
تبطل الوصية بما يلي :
- إذا اختل شرط من شروط الوصية.
- إذا رجع الموصي عن الوصية ، فإن له أن يبطلها أو يغير فيها ما يشاء.
- إذا لم يقبل الموصى له الوصية بعد موت الموصي .
- إذا مات الموصى له قبل الموصي.
- إذا قتل الموصى له الموصي.
- إذا تلفت العين الموصى بها ، كأن يوصى بقطيع من الغنم فماتت جميعها.
- إذا كان الموصي مدينا بدين يستغرق كل ماله .