الحديث النبويالدين

شرح حديث من تردى من جبل فقتل نفسه

حديث من تردى من جبل فقتل نفسه
شرح حديث من تردى من جبل فقتل نفسه

حديث من تردى من جبل فقتل نفسه

نص الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : ( من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلَّداً فيها أبداً ومن تحسَّى سماً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحسَّاه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ومن قتل نفسه بحديدةٍ فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدً ).

تخريج حديث من تردى من جبل فقتل نفسه

الحديث أخرجه البخاري في “كتاب الطب, باب شرب السم والدواء به وبما يخاف منه” حديث (٥٧٧٨)، وأخرجه مسلم (١٠٩)، وأخرجه الترمذي في “كتاب الطب, باب ما جاء فيمن يقتل نفسه بسم أو غيره” حديث (٢٠٤٤)، وأخرجه النسائي في “كتاب الجنائز, باب ترك الصلاة على من قتل نفسه” حديث (١٩٦٤).[↑المرجع]

إقرأ أيضاً : ما هي أسباب الانتحار و بماذا يفكر المنتحر.

شرح ألفاظ الحديث

  • من تردى من جبل فقتل نفسه : الذي يرمي نفسه من مكان عال طلبا للموت فمات بسببه، لأنه قال بعدها (فقتل نفسه) وهذا يدل على تعمده ذلك، لأن مجرد التردي من الجبل لا يدل على التعمد.
  • يتردى فيه خالداً مخلَّداً فيها أبداً: يرمي نفسه من المكان العالي ذاته الذي تردى منه في الدنيا ويبقى في جهنم بقاء دائماً.
  • ومن تحسَّى سماً فقتل نفسه: الذي يتجرع سماً ويشربه شيئاً فشيئاً طلبا للموت ومات بسببه.
  • ومن قتل نفسه بحديدةٍ: المقصود هنا السكين وما شابهها لأنها هي التي يُطعن بها ويُقتل، وقد جاء لفظ الحديدة في الحديث لأنه أعم من السكين فتشمل آلات النجار والحداد وكل ما شأنه أن يقتل.
  • فحديدته في يده يجأ بها في بطنه: يطعن نفسه في جهنم بالآلة ذاتها التي استخدمها في قتل نفسه في الدنيا.

شرح وتوضيح مفهوم الحديث

من أعظم نعم الله التي وهبها للإنسان نعمة الحياة ، ولقد اعتبرها الإسلام أعظم حق ممنوح من الله لا يحق لأحد غيره سلبها منه ، ووضع لذلك مبادئ وشرع له من الأحكام والتشريعات ما يحقق ذلك ، قال الله عز وجل: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا﴾ [سورة الاسراء, آية: ٣٣]. ويستوي في التحريم من قتل شخصا بغير حق ومن قتل نفسه ، قال تعالى: ﴿… وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾[سورة النساء, آية: ٢٩]. 

إقرأ أيضاً : منهج الإسلام في محاربة جريمة الانتحار.

وفي هذا الحديث الشريف يبين الرسول ﷺ حرمة قتل الإنسان لنفسه ، ويوضح بشاعة ما يقدم عليه المنتحر من خلال بيان بشاعة العذاب الذي سيلاقيه يوم القيامة، فمن قتل نفسه فقد ارتكب جرماً من أعظم الكبائر ، وكان عذاب الله له بالوسيلة نفسها التي انتحر بها ، مضافاً إلى ذلك بقاؤه في جهنم بقاء مؤبدا ، لاينقطع عن تعذيب نفسه بالعذاب الذي اختاره لنفسه في الدنيا.

فمن اختار أن ينهي حياته بإلقاء نفسه من فوق جبل أو بناء شاهق ، فإنه يبقى على هذه الحال يلقي بنفسه من الجبل أو البناء الشاهق في نار جهنم ، ولا يخفف عنه العذاب أبداً.

ومن قتل نفسه بشرب السم أو أي مشروب من شأنه أن يميت فإنه يبقى على هذه الحالة يسقي نفسه السم ويعاني من آلامه في نار جهنم ، ولا يخفف عنه العذاب أبداً.

ومن أزهق روحه بطعن نفسه بسكين أو أي سلاح من شأنه أن يقتل فهو باقي في جهنم على هذه الحالة يعذب نفسه ، ولا يخفف عنه العذاب أبدا .

كذلك، كل ما من شأنه أن يؤدي إلى أن ينهي الإنسان حياته بإزهاق روحه فهو ضرب من قتل الإنسان لنفسه ، فالموت واحدٌ وإن تنوعت صوره ، فمن اختار أن ينهي حياته بالانتحار فشنق نفسه ، أو رمى بها في نهر ، أو أطلق عليها الرصاص ، أو استخدم أي وسيلة من شأنها أن تزهق روحه ، فهو باقي على هذه الحالة التي مات عليها يعذب نفسه في جهنم خالدا فيها ، ولا يخفف عنه العذاب أبداً.

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى