تخريج وشرح حديث إن الله كتب الإحسان على كل شيء
حديث إن الله كتب الإحسان على كل شيء :
نص الحديث : عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال : ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبْحة، ولْيُحِدَّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ) .
تخريج حديث إن الله كتب الإحسان على كل شيء :
حديث إن الله كتب الإحسان على كل شيء : أخرجه الترمذي, كتاب الديات, باب ما جاء في النهي عن المثلة, رقم الحديث “١٣٢٩” وقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. أيضاً الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه دون البخاري وقد وتركه البخاري لأنه لم يخرّج في صحيحه لأبي الأشعث شيئاً. وأخرجه أبو داود في سننه, بَابٌ فِي النَّهْيِ أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ ، وَالرِّفْقِ بِالذَّبِيحَةِ , برقم “٢٤٧٧” ، وأخرجه النسائي في الصغرى, باب الأمر بإحداد الشفرة , برقم” ٤٣٧٣”، وأخرجه ابن ماجه في سننه, بَابٌ إِذَا ذَبَحْتُمْ ، فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ , برقم “٣١٨٩”، وأخرجه أحمد في المسند, حَدِيثُ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ برقم” ١٦٨٥٨”، وأخرجه ابن حبان في صحيحه, كِتَابُ الذَّبَائِحِ , برقم “٥٩٨٢”، وأخرجه الدارمي في سننه, بَابٌ فِي حُسْنِ الذَّبِيحَةِ برقم” ١٩٦٢”.
شرح حديث إن الله كتب الإحسان على كل شيء :
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وأمره بعبادته، والعبادة تشمل كل عمل يقوم به الإنسان ما دام موافقا لما جاء به الشرع من أمر أو نهي، وليس المطلوب من المسلم مجرد القيام بالعمل فحسب، بل عليه أن يؤديه بإحكام وإتقان وأن يصل به إلى مرتبة أعلى مراتب إتقان العمل وتجويده وهي مرتبة الإحسان.
وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان في آيات كثيرة وأجزل على المحسنين الثواب، قال تعالى: ﴿وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأیديكم إلى التهلكة وأحسنو ان الله يحب المحسنين﴾ [البقرة, 195]، وقال تعالى: ﴿للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون﴾ [يونس, 26]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل يحب أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه) [رواه أبو يعلى في مسنده, حديث رقم “٤٣٧٦”, عن عائشة رضي الله عنها].
إقرأ أيضاً : مجالات الإحسان و آثار الإحسان على الفرد والمجتمع.
وفيما يلي شرح لحديث ان الله كتب الإحسان على كل شيء :
- ان الله كتب الإحسان على كل شيء : أمر وطلب وأوجب بأن يكون الاتقان صفة ملازمة لكل عمل. ولفظ “كتب” في الحديث يقتضي الوجوب عند أكثر الفقهاء، والإحسان: هو ما حسَّنه الشرع، ويكون بإتقان العمل وتجويده وفق الطريقة التي يرضاها آلله. “كتب الإحسان على كل شيء” أي أوجب عليكم الإحسان في كل شيء، والإحسان مصدر أحسن يُحسِن، إذا أجاد وأتقن وأتى بالشيء على أحسن وأفضل الوجوه وأكملها، والمراد هنا في الحديث طلب تحسين وتجويد الأعمال المشروعة. على كل شيء : “على” هنا بمعنى في أو إلى، أي إلى كل شيء، أو في كل شيء. أيضاً يقصد بالإحسان في قوله ﷺ ” إن الله كتب الإحسان على كل شيء ” تجويد العمل وإتقانه والقيام به على أكمل وجه وفي أحسن مثال أمر به الشرع، فعندما سأل جبريل عليه السلام رسول الله عن الإحسان أجابه بقوله : (… الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) [البخاري, كتاب تفسير القرآن, باب قوله أن الله عنده علم الساعة, عن أبي هريرة رضي الله عنه, رقم الحديث”٤٤٠٤”]. أي اعمل العمل كما لو كنت ترى الله وهو سبحانه وتعالى يراك فأنت حريص على تقديمه في أحسن صورة كي يرضى عنك ويثيبك عليه.
- فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة : أي إذا أردتم قتل ما يجوز قتله من الحيوانات، فاختاروا أسهل الطرق وأخفها إيلاما وأسرعها زهوقا، و “القِتلة” في الحديث بكسر القاف، يقصد بها الهيئة والحالة، و يعني: هيئة القتل، صورة القتل، صفة القتل.
- وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبْحة: وذلك بأن ترفقوا بالبهيمة وبإحداد الآلة، وتوجيهها القبلة والتسمية، ونية التقرب بذبحها إلى الله. هذا يدل على إحسان الذبح في البهائم مما يحل ذبحُه. وإحسان الذبح : يكون بالرفق بها، فلا يصرعها، ولا يجرها من موضع إلى آخر، وإحداد الآلة، وتوجيهها إلى القِبلة، والتسمية، والإجهاز، ونية التقرب إلى الله بذبحها، وإراحتها، وتركها إلى أن تبرد، وشكر الله حيث سخرها لنا ولم يسلطها علينا، ولا يذبحها بحضرة أخرى.
- ولْيُحِدَّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته: يجب أن تكون آلة الذبح التي يستخدمها المسلم مسنونة حادة منعاً لتعذيب الحيوان. ومعنى “ولْيُحِدَّ أحدكم شفرته” بضم الياء، من حد السكين، وبفتحها من حد، أي يسُنَّ كل ذابح سكينته. “وليرح ذبيحته” يكون ذلك بعرض الماء عليها قبل ذبحها لتشرب، وأن يسوقها إلى موضع الذبح برفق، وأن يضجعها بمكان سهل غير وعر، وأن يجعل إمرار السكين عليها بقوة؛ ليسرع موتها فتستريح من ألمه.
