
المظاهر السياسية والاقتصادية لحضارة اليمن القديم
أولا : المظاهر السياسية
أبدع اليمنيون القدماء طرائق للحكم ونظم للدولة تحدثت عنها التوراة وأشاد بقوتها وشورويتها القرآن الكريم، وقد تجسدت المظاهر السياسية لحضارة اليمن القديم فيما يلي:
- نظام الحكم : كان نظام الحكم في اليمن القديم ملكي وراثيا يجوز فيه للأخوة وراثة العرش. كما دلت الآثار أن ملوك اليمن القديم كانوا يصدرون أوامرهم على شكل مراسيم وقوانين مكتوبة على ألواح من البرونز أو الحجر أوالخشب وتعلق في الساحات العامة والمعابد ليتمكن الناس من رؤيتها واتباع تعليماتها.
- مجالس الحكم: لم يكن للملك السلطة المطلقة في البلاد فقد وجدت إلى جانبه عدد من المجالس، مثل:
- المجلس العام : ويتكون من رجال الدين ورؤساء القبائل وكبار الموظفين، وكان الملك يستشير أعضاء المجلس العام في القضايا العامة مثل إعلان الحرب وعقد الاتفاقيات وفرض الضرائب .
- مجالس المدن : كانت مجالس المدن تتكون من الوجهاء والأعيان في كل مدينة، وكان كل مجلس في المدينة ينظر في الأمور الداخلية الخاصة بها.
- مجلس العشائر : كان مجلس العشائر ينظر في الأمور الداخلية التي تخص العشائر المختلفة .
- الشوری : وقد اتبع نظام الحكم الشورى، حيث أشار إلى ذلك القرآن الكريم في قصة ملكة سبأ مع النبي سليمان عليه السلام.
ثانيا : المظاهر الاقتصادية
شهدت حضارة اليمن القديم ازدهارا اقتصاديا متنوع المصادر، ومن أهم المظاهر الاقتصادية لذلك الازدهار ما يلي :
الزراعة : اشتهرت اليمن بالزراعة منذ أقدم العصور وقد ساعدها في ذلك وجود الخصبة، ووفرة المياه الناتجة شق القنوات وإنشاء الخزانات وإقامة الحواجز وبناء السدود والصهاريج وانتشار الأحواض والبرك، واستغلال الجبال بالزراعة بعد تحويلها إلى مدرجات . وقد اشتهرت اليمن بإنتاج البخور واللبان والصموغ والعطور والطيوب والحناء والمنتجات الزراعية الأخرى مثل الحبوب الغذائية والخضروات والفواكه . وكان لهذه المنتجات الزراعية أهمية كبرى تتنافس عليها الدول في العالم القديم، إذ كان لمادتي البخور والمر أهمية خاصة لدى تلك الدول توازي أهمية البترول والذهب في عصرنا الحديث .
ثالثا : التجارة
كان هناك تدعيم متبادل بين الزراعة والتجارة، فالمحاصيل الزراعية تتحول إلى سلع تجارية والسلع التجارية تحولت إلى ثروات طائلة مولت إقامة السدود والمدرجات . وقد كان للموقع الجغرافي الهام لليمن أثر كبير في ازدهار اليمن القديم وتقدمه الحضاري، حيث تم استغلاله في تنشيط العلاقات التجارية مع الأمم والشعوب المختلفة مثل الحبشة، وبلاد الرافدين والشام ومصر والهند والصين. وعرف اليمنيون القدماء أصول التجارة وطرقها البرية والبحرية، وتحكموا بمفاتيحها، واحتفظوا بأسرارها، وتاجروا بالمواد والسلع التي يخف وزنها ويرتفع ثمنها، وسيطروا على تجارة البخور والعطور والطيوب واللبان والذهب والفضة والنحاس والحديد والتوابل بأنواعها والعقيق والعاج واللؤلؤ وريش النعام الفاخر والجلود الثمينة والمر وأدوات التجميل والبرود والسيوف وغيرها. وقد كانت هذه التجارة الرائجة في ذلك الزمن بسلعها المختلفة تنقل بالقوافل عبر الطرق البرية على ظهور الجمال وبالسفن عبر الطرق البحرية.
رابعا : الصناعة
اشتهر اليمنيون قديما بصناعات التعدين، فاستخرجوا البرونز والذهب والفضة ، وقاموا بصناعة الأدوات والأواني والملابس والحلي والأسلحة والعقود وبرعوا في سك العملات الذهبية ورسموا عليها صورة مثل صورة البومة والنسر ونقشوا أسماء ملوكهم عليها . إضافة إلى أنهم كانوا يصنعون الخناجر ويتخذونها زينة وسلاحا، كما تفننوا في صناعة الملابس الصوفية، وأدوات الزينة، والأدوات اللازمة للزراعة كالفأس والمحراث وصناعة السفن والسيوف والخراب والرماح ومهروا في استخدامها ضد المعتدين.