الدينمنوعات دينية

مفهوم القوة في الإسلام و عوامل القوة في حياة المسلمين

مفهوم القوة في الإسلام و عوامل القوة في حياة المسلمين
القوة في الإسلام و عوامل القوة في حياة المسلمين

مفهوم القوة في الإسلام :

معنى القوة في الإسلام : ضد الضعف ومعناها امتلاك المؤمن خصائص وصفات تجعله متميزا، لا يضعف في الملمات ولا تهزه المغريات، وهذه القوة ليست مقصورة على جانب واحد بل هي شاملة جميع جوانبه؛ فالمؤمن قوي في إيمانه، قوي في إرادته وعزيمته، قوي في أخلاقه، قوي في جسمه، قوي في عمله، فإيمانه مثلاً من القوة بحيث لا يتزعزع مهما اشتدت المواقف، وكثرت المغريات، ولا يخالطه شك أو ريب مهما شكك المشككون، وهذا الإيمان من القوة بحيث يجعله يقف بالحق ومع الحق مهما كانت المخاطر، وكذلك قوة الأخلاق وقوة الإرادة وقوة الجسم وقوة العلم تبلغ عند المؤمن درجة تجعله ذا فاعلية إيجابية في حياته الدنيا، لا يقتصر نفعه على نفسه ؛ بل يمتد إلى غيره من بني جنسه. والقوة التي حثنا الإسلام على امتلاكها إنما هي تلك القوة التي تستثمر في طاعة الله وفي جميع أوجه الخير، لا القوة التي يوجهها الإنسان للطغيان وللظلم وللتسلط على الآخرين .

أنواع القوة في الإسلام :

أولاً ــ القوة معنوية في الإسلام : وتشمل :

  1. القوة في الإيمان والعقيدة : فالإيمان بالله راسخ ومستقر في قلب المؤمن لا يخالطه ريب ولا يزلزله شك ولا تعكره شبهة، قال تعالى: ﴿إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون﴾ [الحجرات]. إن هذا الإيمان مبني على العلم والحجة والدليل الواضح، يدعمه ويقويه باستمرار تفکر المؤمن وتأمله في آيات الله المبثوثة في هذا الكون الواسع، وامتثاله لآيات الله المقروءة في القرآن الكريم قال تعالى: ﴿إن في خلق السموات والأرض وأختلاف اليل والنهار لآیت لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار﴾ [آل عمران]. 
  2. القوة في الإرادة والعزيمة : فالمؤمن ذو همة عالية وعزيمة صادقة، لا يتردد ولا ينهزم ولا يجين، يتمتع بثقة عالية في الله وفي نفسه، فإذا ما رأى الحق مضي إليه بكل ثقة وجسارة، متوكلا على الله تعالی مستعينا به، قال تعالى: ﴿فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين﴾ [آل عمران].
  3. القوة في العلم : فالمؤمن يسعى إلى امتلاك العلم، ويبذل في سبيل ذلك كل جهد؛ لعلمه أن العلم وسيلة لتقدم المجتمع وعزته ورفاهيته، وأنه طريق مهم لتحقيق مهمة الاستخلاف في الأرض وتعميرها وتنميتها وفق منهج الله، قال تعالى : ﴿قل هل يستوى الذين يعملون والذين لا يعملون إنما يتذكر اولة الألباب﴾ [الزمر].
  4. القوة في الأخلاق : فالمؤمن حريص على أن يلتزم الأخلاق الإسلامية في كل سلوکه وتعامله فهو يصدق ويتحرى الصدق ، وهو أمين ويتحرى الأمانة، وهو وفي ويتحرى الوفاء، وهو رحيم وقلبه ممتلئ بالعاطفة الحميدة، مقتديا في ذلك بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان نموذجا في أخلاقه وصفاته كما وصفه الله تعالى بقوله : ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾ [القلم].

ثانياً ــ القوة المادية: وتشمل :

  1. القوة الجسدية في الإسلام : فالمؤمن يعتني بجسمه لأن تكاليف الإسلام وأعباء الحياة لا تؤدي كاملة إلا بالجسم القوي، قال عليه الصلاة والسلام : (… فإن لجسدك عليك حقا وإن لعينك عليك حقا وإن لزورك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا) [البخاري: كتاب الآداب, باب حق الضعيف, رقم الحديث “5669”]. ولذلك فالمؤمن حريص على اجتناب كل ما من شأنه إنهاك جسمه وإضعاف صحته ، حريص على كل ما من شأنه تقوية بدنه و تحسين مهاراته .
  2. القوة الاقتصادية في الإسلام : فالله تعالى أمرنا باستثمار الطاقات والثروات وتوجيهها توجيها صحيحا لما يعود نفعه على الفرد والمجتمع وتوفير مستوی كريم من المعيشة. إن المجتمع القوي في اقتصاده جدير بأن يكون عزيزا مهابا لا تلجئه الحاجة إلى ذل سؤال الغير، قال تعالى: ﴿ولقدم مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون﴾ [الأعراف].
  3. القوة العسكرية في الإسلام : أمر الله الأمة الإسلامية أن تكون على أقصى درجة في الاستعداد لأعدائها، قال تعالى: ﴿واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وءاخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وانتم لا تظلمون﴾ [الأنفال]. والقوة العسكرية ليست محصورة في نوع محدد من العتاد؛ بل في كل ما يحقق القدرة على ردع العدوان ورده، و كل ما في استطاعة الأمة أن توفره فهو مشمول في القوة التي أمرنا بإعدادها . إذن لكي تتحقق القوة التي أشار إليها الحديث النبوي الشريف ، ينبغي أن تكون شاملة لجميع المجالات التي ذكرت، وإن الضعف إذا حل في أحد هذه الجوانب ربما أثر على قوة المؤمن بشكل عام، فيكون أقرب إلى الضعف منه إلى القوة.

عوامل القوة في حياة المسلمين :

أرشدنا الإسلام إلى عوامل القوة في حياة المسلمين، فبين لنا العوامل والأسباب التي تسهل وتعين في الحصول على القوة المطلوبة، ومن ذلك ما يأتي :

  1. استثمار المؤمن لوقته وطاقته : ويكون ذلك ببذل جهده في كل ما يمكن أن يعود عليه وعلى أمته بالخير والنفع في الدنيا والآخرة، قال صلى الله عليه وسلم:(… احرص على ما ينفعك…) وهذا يعني الحرص على تجنب مباشرة الأمور التافهة من الأقوال والأفعال؛ لأنها تذهب بالوقت والجهد، ولا نفع من ورائها، وإنما تلحق بالإنسان الضرر وتسلبه وقته بل حياته؛ لأن الوقت هو الحياة .
  2. الاستعانة بمصدر القوة الحقيقية وهو الله تعالی : فالمؤمن قوي لأنه يستمد قوته من الله العلي الكبير، الذي يؤمن به ويعتقد أنه معه حيث كان، وأنه ناصره وحافظه ومعينه، وإذا أدرك المؤمن ذلك فإن جميع الصعاب ستهون عليه؛ جاعلا نصب عينيه قول الله تعالى: ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾ [الفاتحة]، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (… واستعن بالله ولا تعجز).
  3. المثابرة وتجنب الاستسلام لليأس : المؤمن لا يثنيه عن الوصول إلى هدفه وغايته أحد، ولا يستعظم من المعوقات والمثبطات شیئا، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (…. ولا تعجز)، فهو يعمل ويجتهد فإذا جاءت النتائج على غير ما يرغب رضي ولم يسخط ولم ينهزم ، فهو يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وهو يردد قوله تعالی: ﴿قل لن يصيبنا إلا ما كاتبه الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون﴾ [التوبة].
  4. التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: التوكل على الله مطلوب من المؤمن في كل عمل وفي كل حين، والتوكل على الله ليس استرخاء كسول؛ بل هو شحنة إيمانية تشحذ في نفس المؤمن العزم والإصرار على المقاومة والتحدي للأخذ بالأسباب الموصلة إلى الغايات، قال تعالى: ﴿ومالنا الا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما ءاذيتمونا  وعلى الله فليتوكل المتوكلون}[إبراهيم].

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى