ما هي أسباب الانتحار و بماذا يفكر المنتحر

الانتحار
الانتحار هو تعمد واصرار الشخص على إنهاء حياته بفعل عمل ما يؤدي إلى إزهاق روحه مستخدماً لذلك أي وسيلة من وسائل الانتحار ، سواء الشنق أو استخدام السلاح الناري أو شرب السم أو غيرها من الوسائل التي غالباً ما تؤدي إلى الوفاة. وتنتشر جريمة الانتحار بكثرة في المجتمعات والدول الفقيرة والمتخلفة. وحكم الانتحار محرم شرعاً في الكتاب والسنة، قال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾[سورة البقرة, آية: ١٩٥]. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلَّداً فيها أبداً ومن تحسَّى سماً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحسَّاه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ومن قتل نفسه بحديدةٍ فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدً) [أخرجه البخاري, كتاب الطب, باب شرب السم والدواء به وبما يخاف منه, عن أبي هريرة رضي الله عنه]. وإليكم أهم أسباب الانتحار بالتفصيل.
إقرأ أيضاً : منهج الإسلام في محاربة جريمة الانتحار.
أسباب الانتحار
لعل من أهم أسباب الانتحار والتي غالباً ما تدفع الاشخاص إلى التفكير بالانتحار سعياً للخلاص من الحياة والظروف التي يعيشونها، ما يأتي :
- أسباب ظرفية
قد يكون سبب الانتحار ظرفياً يتعلق بفقدان شخص عزيز ، وخصوصاً الولد أو الأب أو الأم أو أحد المقربين ، أو ألم شديد ، أو مرض لا يرجى منه الشفاء ، ومن طبيعة النفس الإنسانية أن تجزع لمثل هذه الأمور ، لكن ما هو غير طبيعي في مواجهة مثل هذا الابتلاء أن يلجأ الإنسان إلى لانتحار. فرسول الله ﷺ حين توفي ولده إبراهيم لم يزد على أن قال : ( إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون )[البخاري : كتاب الجنائز, باب قول النبي ﷺ إنا بك لمحزونون].
- الفقر
قد يبتلي الله تعالى عبده بالفقر وضيق ذات اليد ، قال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [سورة البقرة, آية: ١٥٥]. وقد يشتد على الإنسان الفقر فتضيق آفاق الفرج من حوله ، فيخيب أمله في أهله وأقاربه وجيرانه ، ويغيب عن كثير من الناس الحكمة من ابتلاء الله لهم ، فينظرون إلى الفقر على أنه عار لحق بهم ، فيدفعهم مثل هذا الشعور إلى الهروب منه بالانتحار .
وقد يكون هذا الفقر غير حقيقي ، بل شعور خاطئ ؛ ينتج من وضع الإنسان لنفسه أهدافا غير قابلة للتحقيق ، وطموحات غير واقعية ، أو نتيجة أطماع تدفعه إلى اللهاث وراءها ، وحين يعجز عن تحقيقها يتعرض لضغط نفسي يتخلص منه بارتكاب جريمة الانتحار ، وهو تصرف يتناقض مع الفطرة السليمة للإنسان الذي جبل على حب الحياة والحرص على التضحية في سبيلها بكل شئ ، قال الشاعر :
نفسي التي تملك الأشياء ذاهبة
فكيف أبكى على شئ إذا ذهبا .
- الفشل في بعض مهام الحياة
كما قد يكون من أسباب الانتحار الفشل في تكوين علاقات ناجحة ؛ وخاصة لدى المراهقين الذين تنقصهم الخبرة في التعامل مع أحداث الحياة ؛ كفشلهم في بناء علاقات ناجحة مع رفاقهم ، أو فشلهم في الزواج بمن يختارونهم شركاء لحياتهم ، أو الفشل الدراسي ، أو الفشل في العمل ، وهي نظرة قاصرة يتبين خطؤها من أن مثل هذا الشخص يتصور أن هذا الكون ينبغي أن يسير وفق ما يشتهيه ، فيلبي أهدافه كلها دون مراعاة لمدى تعارض هذه الأهداف مع أهداف غيره وطموحاتهم . ولقد أمرنا الإسلام بأن نبذل الأسباب ونبحث عن بدائل لتحقيق أهدافنا ، ولا نألوا جهدا مشروعا في سبيل تحقيق ذلك ، وإذا لم تتحقق لنا هذه الأهداف فعلينا أن نؤمن أن ذلك هو قدر الله ، وفي إيماننا بقدر الله منجاة لنا من مزالق الخطر ، فقد علمنا الإسلام أن هذا من القدر الذي لا نستطيع أن نغير منه شيئا ، قال رسول الله ﷺ : ( إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجلٍ مسمى فلتصبر ولتحتسب ) [ البخاري : كتاب الجنائز, باب يعذب الميت ببعض بكاء أهله].
- البطالة
البطالة مشكلة اجتماعية تعاني منها معظم المجتمعات ، ويرتبط بوجودها مشكلة إقدام كثير من الناس على الانتحار ، وتأتي خطورة مشكلة البطالة من أنها تكون في كثير من الأحيان أسباباً لمشكلات أخرى ، كالفقر ، والفساد وبالتالي فشل الكثيرين في تحقيق أهدافهم وطموحاتهم التي كانوا قد رسموها لأنفسهم في الحياة.
والمؤمن مأمور دينا بالعمل واستثمار وقته فيما يعود عليه بالنفع في دنياه وآخرته ، قال تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ…﴾ [سورة التوبة, آية: ١٠٥]. لكن الإنسان قد يسعى ويجتهد في طلب الرزق ، لكنه لايجد لذلك سبيلا ، ومع ذلك فإن هذه المشكلة عند المؤمن لا تبلغ في حدتها درجة يصل معها أن يفكر في الانتحار ، فهو يؤمن بأن الذي خلقه قد تكفل برزقه ، قال تعالى: ﴿وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [سورة هود, آية: ٦].